المجرور عائد إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (ق ٣٨٠) بمعونة المقام عن ذلك، إلى القبلة، هل يضر صومه ذلك فدخلتْ على أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي: فذكرت المرأة المسألة لها فأخبرتها أم سلمة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُقبِّل؟ أي: يُقبِّلها كما في البخاري وهو صائم، فرجعت أي: المرأة إليه، إلى الرجل فأخبرته أي: زوجها بذلك فزَاده ذلك شرا، أي: محنة وبلية حيث ظن أن أم سلمة أفتت من عندها في القضية فقال: إنا لسنا على مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أي: من جميع الوجوه، يُحل الله: بضم التحتية وكسر الحاء المهملة، مِنْ أَحَلَّ: إذا أباح، أي: يجعل الله لرسوله ما شاءَ، أي: من الأشياء، كجواز الوصال، وزيادة النساء على الأربع إلى إحدى عشرة، فرجعت المرأة: والفاء بمعنى: ثم، كما في رواية يحيى، إلى أم سلمة؛ أي: هند بنت أُميَّة فوجدت أي: عندها؟ أي: عند أم سلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما بال هذه المرأة؟ " أي: ما شأنها وحالها فأخبرته أم سلمة، أي بسؤالها أنها تسأل عن القبلة للصائم، فقال: أي: - صلى الله عليه وسلم - "ألا أخبرتها: بفتح الهمزة وتشديد اللام المفتوحة، وهي حرف للعرض، وهو الإِعلام، وحرف للتخضيض ومعناهما: طلب الشيء ولكن العرض: طلب بلين، والتحضيض: بِحَثّ، وتختص هذه بالجمل الفعلية، وهي بمعنى لولا التي تكون للتخضيض. قال تعالى في سورة النمل:{لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ}[النمل: ٤٦]، وقال تعالى في سورة المنافقون:{لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ}[المنافقون: ١٠]، أني أفعل ذلك؟ "، بكسر الكاف، وبفتح وفيه التنبيه على الإِخبار بأفعاله، ويجب عليهن أن بها ليقتدي به الناس، قال تعالى في سورة الأحزاب:{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ}[الأحزاب: ٣٤].
قال سعيد بن زيد الباجي أبو عمر: فيه إيجاب العمل بخبر الواحد كذا قاله: الزرقاني قالت: أي: أم سلمة، قد أخبرتها، فذهبت إلى زوجها فأخبرته، فزاده ذلك شرًا، أي: شرارة أو حرارة أو اضطراريًا، وقال: إنَّا لسنا على مثل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ولم يُحل الله أي: يجعل الله حلالًا لرسوله ما يشاءُ. فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لاعتقاد التحضيض بلا علم، كما أشار إليه ابن العربي وابن عبد البر، وقال عياض: غضبه لذلك ظاهر؛ لأن السائل جوز وقوع المنهي عنه منه لكن لا حرج عليه إن غفر له، فأنكر - صلى الله عليه وسلم - ذلك، وقال: "والله إني لأتقاكم لله، وأعلمكم بحدوده فكيف تجوزون وقوع ما نهى عنه مِنِّي.