يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة وقال: لا يصح عن مالك إلا المرسل؛ فإنه روى عن الزهري، وهو من كبار التابعين وعن عائشة رضي الله عنها وله طرق عند النسائي والترمذي وضعناها كلها.
وقال النسائي الصواب، والترمذي الأصح عن الزهري مرسل، قال الترمذي: وتابع مالكًا على إرساله معمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ ونقل الترمذي عن ابن جريج قال: سألت الزهري أحدثك عروة عن عائشة قال: لم أسمع من عروة في هذا شيئًا، ولكن سمعت من ناس عن بعض سأله عائشة أصبحتا صائمتين أي: ناويتين الصيام متطوِّعَتَيْنِ، أي: متنفلتين فأُهْدِيَ لهما طعامٌ، أي: شاة في رواية أحمد عن عائشة رضي الله عنها فأَفْطَرَتَا عليه، كلمة "على" بمعنى اللام التعليلية لما في قوله تعالى في سورة البقرة: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}[البقرة: ١٨٥] أي: لهدايته فقال: إياكم كذا قاله ابن هشام في (مغني اللبيب)(١) أي: فأفطر عائشة وحفصة رضي الله عنهما بعد ما نويتا الصيام تطوعًا لأجل هدية الطعام إليهما فدخل عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت عائشة: أي: بادرت بالسؤال قبل تكلم حفصة وسألته - صلى الله عليه وسلم - من صام تطوعًا ثم أفطر بهدية أهديت له ما يلزم عليه فقالت حفصة، رضي الله عنها وبَدَرَتْني أي: والله سبقتني عائشة رضي الله عنها بالكلام، أي: بالسؤال وكانت أي: الحال أنها ابنةَ أبيها: أي: في المسارعة في الخيرات، فهو غاية في مدحها لها تعني أنها كانت على خلق والدها أبي بكر الصديق رضي الله عنه من الحدة والغلبة فإنه كان من مظاهر الجلال وأنا على صيغة أبي من الحكم والسكينة فإنه كان من مظاهر الجمال، والحاصل أنها قالت: يا رسول الله إني أصبحتُ أنا وعائشة صائمتين متطوِّعتين، أي: متنفلتين فأُهْدِيَ لنا طعامٌ، فأفطرنا عليه، أي: لأجله ولعله كان مما يضيع ويفسد بالأخير أي: يحوز قلب المهدي بامتناعهما عن أكله فإنه كان من باب الضيافة ورعاية لخاطر المضيف مستحب كما يستحب رعاية جانب الضيف فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اقْضِيَا يومًا مكانه" أي: بدل ذلك اليوم روى هذا الحديث أبو داود والترمذي والنسائي عن عروة.