للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صلى الله عليه وسلم - نهى عن الوِصَالِ، فقيل له: إنَّكَ تُوَاصِلُ، قال: "إني لستُ كهيئتكم، إني أُطْعَمُ وأُسْقَى".

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: ثنا، أخبرنا وفي نسخة: عن نافع، المدني مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى أي: نهي تنزيه، وقيل: تحريم، وهو الأصح عند الشافعية عن الوِصَالِ, أي: في الصيام بأن لا يفطر إن غربت الشمس وصبر جائعًا وصام غدًا، وكذا روى جويرية عن نافع عن البخاري وعبيد الله بن عمر عن نافع عن مسلم عن ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - واصل فواصل الناس فشقى عليهم فنهاهم عن الوصال فقيل له: أي: - صلى الله عليه وسلم - إنَّكَ تُوَاصِلُ، أي: ما الحكمة في نهيك لنا عنه قال: "إني لستُ كهيئتكم، أي: مشابهًا لكم في صفاتكم وحالتكم يعني ليس حالي كحالكم، ولمسلم (١) عن أبي هريرة لستم في ذلك على صفتي ومنزلتي من ربي إني أُطْعَمُ وأُسْقَى" بصيغة المفعول (ق ٣٩٢) فبها قيل هو على حقيقة، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يؤتى بطعام وشراب كرامة له في ليالي صيامه، وطعام الجنة وشرابها لا يقطع وصاله، ولا ينقص أجره ولا يفطر صيامه، ولا تجرى عليه أحكام التكليف.

قال ابن عبد البر: الذي يفطر شرعًا إنما هو الطعام المعتاد، وأما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى وليس تعاطيه من جنس الأعمال، وإنما هو من جنس الثواب كأكل الجنة فيه الكرامة لا تبطل العبادة فلا يبطل بذلك صومه، ولا ينقطع وصاله ولا ينقص أجره والجمهور علي أنه مجاز عن لازم الطعام والشراب، وهو القوة فكأنه قال: يعطني قوة الأكل والشرب ويقبض على ما يسد مسدهما ويقوى على أنواع الطاعات من غير ضعف في القوة ولا كلال في الأجساد، أو المعنى أن الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب، فلا يحس بجوع ولا عطش والفرق بينه وبين ما قبله أنه عليه يُعطى القوة بلا شبع ولا ري بل مع الجوع والظمأ، وعلى الثاني يعطى القوة معهما ورجح ما قبله أن الثاني ينافي حال الصائم.

ويفوت المقصود من الصوم والوصال؛ لأن الجوع هو روح هذه العبادة بخصوصها كذا قال الزرقاني (٢). وجنح ابن قيم الجوزية إلى أن المراد أنه يشغله بالتفكير في عظمته


(١) أخرجه: مسلم (١١٠٣).
(٢) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٢٤١ - ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>