للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: احذروا عن صيام الوصال إياكم والوصَال مرتين للتأكيد أي: بعدوا أنفسكم عن وصال الصيام، وعند ابن أبي شيبة (١) بإسناد صحيح من طريق أبي ذرعة عن أبي هريرة بلفظ: "إياكم والوصال" ثلاث مرات للمبالغة عن نهي الوصال قالوا: أي: بعض الصحابة فإنَّك تُواصِلُ يا رسول الله، قال: "إني لستُ كهيئتكم؛ يعني: ليس حالي كحالكم وإنما لم يقل لستم كهيئتي تواضعًا وبيانًا بالأدب لأصحابه إني أبيتُ أي: أمسي يُطْعِمُني بضم التحتية ربي ويَسْقِيني، بفتح أوله وضمه، وإنما آثر اسم الرب دون اسم الذات فلم يقل: يطعمني الله؛ لأنَ التجلي باسم الربوبية (ق ٣٩٢) أقرب إلى العباد من الألوهية؛ لأنها تجلي عظمة لا طاقة للبشر بها وتجلي الربوبية تجلي الرحمة وشفقة، وهي أليق بهذا المقام وللإِسماعيلي من حديث عائشة: "أظل عند الله" وكأنه بالمعنى فرواية الصحيحين منها عند ربي وقول الجمهور أنه مجاز عن لازم الطعام والشراب، وهو القوة قال بعضهم: وهو الصحيح؛ لأنه لو كان علي الحقيقة لم يكن مواصلًا وقيل: كان يوحى بطعام وشراب في النوم فيستيقظه ويجد الري والشبع.

وقال النووي: في (شرح المهذب) (٢) معناه محبة الله تشغلني عن الطعام والشراب والحب البالغ يشغل عنهما كذا قاله الزرقاني (٣) فاكلَفُوا بهمزة الوصل وفتح اللام أمر حاضر جمع من الكلف، وهو بفتحتين مصدر من باب الرابع بمعنى الحرص على شيء يقال: كلفت بهذا الأمر إذا ولعت به أي: حرصت، كما قال محمد الواني في (ترجمة الجوهري) والفاء جواب الشرط محذوف تقديره: إن علمتم بأن حالي ليست كحالكم فاعملوا من الأعمال ما أي: يعمل لكم به طَاقَةٌ" أي: قوة وقدرة لا يكون سببًا لضعف نية، وأما الأنبياء عليهم السلام فلهم القوة الإِلهية أو الغذاء اللدنية فلا يقاس الصعلوك بالملوك، وهو بضم الصاد واللام وسكون العين والواو والكاف بمعنى القصير، والحديث رواه الشيخان عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "إياكم والوصال إنكم لستم في ذلك مثلي أنا أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون".


(١) أخرجه: أحمد (٧١٢٢)، وابن أبي شيبة (٢/ ٤٩٦)، حديث (١١)، وابن خزيمة (٢٠٧١)، وأبو يعلى (٦٠٨٨) بلفظ الثلاث.
(٢) انظر: المجموع (٦/ ٣٧٦).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٢٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>