للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَكِيمٍ (٤) أَمْرًا مِنْ عِنْدِنَا} [الدخان: ٤، ٥]. أي: يفصل كل أمر عندنا، فإن قلت: التقدير والقضاء والقدر صفة أزلية لله تعالى قدر وقضا ما كان، وما يكون قبل أن يخلق السموات والأرض، كيف يكون التقدير والقدر في تلك الليلة وهي محدثة؟ أجيبُ عنه بأن المراد (ق ٤٠٢) بالتقدير إظهار أثر تعلق القدرة، وهو المقدور إلي الملائكة في تلك الليلة، وهذا القول اختيار عامة أهل السنة والجماعة.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: يكتب في أم الكتاب في ليلة القدر ما هو كائن في السنة من الخير والشر والأرزاق والآجال، حتى الحاج بحج فلان ثم يسلم إلى خازنه قال تعالى في سورة الحجر: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر: ٢١].

وثالثها: سميت به لخفائها عن الناس؛ فإن القدر بفتح القاف وسكون الدال بمعنى التضييق، ومعنى التضييق إخفاؤها، وسبب إخفاء ليلة القدر أن يحيي من أرادها ليالي كثيرة كما أخفى رضائه في الطاعات حتى يرغبوا في الكل، وأخفى غضبه في المعاصي ليتحروا من الكل، وأخفى وليه فيما بين الناس حتى يعظموا الكل، وأخفى المستجاب من الدعوات ليدعوها بكلها، وأخفى الصلاة الوسطى ليحافظوا على كل الصلوات، وأخفى وقت الموت؛ ليكون المكلف على الاحتياط في جميع الأوقات. كما ذكرنا في نور الأفئدة في تفسير: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} (١).

٣٧٥ - أخبرنا مالك، أخبرنا عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "تحرّوا ليلة القدر، في السبع الأواخر من رمضان".

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخري: أنا، وكل واحد منهما رمزًا إلى أخبرنا، أخبرنا وفي نسخة: قال: أنا، عبد الله بن دينار، العدوي سيدهم يكنى أبا عبد الرحمن المدني مولى ابن عمر ثقة تابعي، من الطبقة الرابعة من طبقات التابعين،


(١) انظر: التقريب (١/ ٢٨٦).
(٣٧٥) أخرجه: مسلم (١١٦٥)، وأبو داود (١٣٨٥)، وأحمد (٤٩١٩)، (٢٨٩٦)، ومالك (٦٩٠)، والنسائي في الكبرى (٣٤٠٠)، (١١٦٨٦)، وابن حبان (٣٦٨١)، وابن أبي شيبة (٢/ ٣٩٤)، والبيهقي في الكبرى (٨٦٣٢)، وأبو نعيم في الحلية (٦/ ٣٤٧) من حديث عبد الله بن دينار عن ابن عمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>