سنتها قبلها، ثم يعود إلى معتكفه أو لحاجة طبيعية بالبول والغائط وإزالة نجاسة واغتسال من الجنابة باحتلام أو لحاجة ضرورية كانعدام المسجد وأداء شهادة تعينت عليه، وإخراج ظالم قهرًا أو تصرف أهل المسجد بحيث بطلت المقعودة من الاعتكاف أو خوف على نفسه ومتاعه من المعاندين فإن خرج ساعة بلا عذر معتبر فسد الاعتكاف الواجب، ولا إثم عليه.
قال أبو يوسف ومحمد: إذا خرج المعتكف من معتكفه أكثر اليوم فسد وإلا فلا، قال عطاء بن أبي رباح التابعي تلميذ ابن عباس رضي الله عنهما وهو أحد مشايخ أبي حنيفة رحمه الله: مثل المعتكف كمثل رجل يتردد ويقف على باب ملك أو أمير لحاجة يقدر على قضائها عادةً فالمعتكف يقول بلسان الحال وإن لم ينطق بلسان المقال: يا رب لا أزال قائمًا على بابك حتى تقضي جميع حوائجي في الدين (ق ٤٠٥) والدنيا فإني مكروب، اكشف كربي واغفر الذنوب التي تبعدني عنك وأعطني ما يقربني إليك كذا قاله الشرنبلالي في (مراقي الفلاح).
وينبغي للمعتكف أن يعتبر نفسه من أهل القبور انقطع عن قومه ويتفكر يوم يقوم الناس لرب العالمين، ويبكي ويتضرع بأنواع التضرع ويقول: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. رواه البخاري (١) عن أبي بكر رضي الله عنه، وأما في نسخة: فأما بالفاء أي: أكل الطعام والشراب فيكون في معتكفه، على صفة اسم مفعول أي: محل اعتكافه وهو عدم خروج المعتكف من معتكفه أكثر من ساعة قولُ أبي حنيفة رحمه الله خلافًا لأبي يوسف ومحمد، فإن عندهما يجوز للمعتكف أن يخرج من معتكفه للضرورة أقل من نصف يوم.
* * *
(١) أخرجه: البخاري (٧٩٩)، ومسلم (٢٧٠٥)، والترمذي (٣٥٣١)، والنسائي في المجتبى (١٣٠١)، وعمل اليوم والليلة (١٧٩)، وابن ماجه (٣٨٣٥)، وأحمد (٨)، والنسائي في الكبرى (١٢٢٥)، (٧٧١٠)، (١٠٠٠٧)، وابن حبان (١٩٧٦)، وابن أبي شيبة (٧/ ٥٥)، وابن خزيمة (٨٤٦)، وأبو يعلى (٣١)، (٣٢)، والبيهقي في الكبرى (٢٩٥٥).