للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن عبد البر (١): هذا حديث يروى في هذا الباب كذا قاله السيوطي (٢) قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف العشر الوُسُطَ بضم الواو والسين جمع وسطى ويروى بفتح السين مثل كبر، ورواه سعيد بن زيد الباجي بإسكانها جمع واسط، كبازل وبزل، وأما الوسط بفتح الواو والسين فيحتمل أنه جمع أوسط أو هو جمع وسيط، كما يقال: كبير أو كبر، ويحتمل أنه اسم لجمع الوقت على التوحيد كوسط الدار ووسط الوقت والشهر كذا قاله الزرقاني (٣) من شهر رمضان، والاعتكاف المطلوب شرعًا على ثلاثة أقسام: واجب في المنذور، وسنة مؤكدة في العشر الأخير من رمضان لاعتكافه - صلى الله عليه وسلم - العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله تعالى، ومستحب في وقت من الأوقات فاعتكف عامًا، مصدر عام أي: اعتكف في رمضان في سنة حتى إذا كان ليلة بالنصب وضبطه بعضهم بالرفع فاعل كان التامة بمعنى ثبت ونحوه إحدى وعشرين، وهي الليلة التي يخرج فيها أي: من عادته أن يخرج من اعتكافه، أي: معتكفه في ليلة إحدى وعشرين قال: - صلى الله عليه وسلم - "مَن كان اعتكف معي أي: من أراد مرافقتي من أصحابي فليعتكف العشر الأواخر، وقد رَأيتُ وفي رواية أبي سعيد الخدري (ق ٤٠٦) "أُريت" بهمزة مضمومة مبني للمفعول أي: أعُلِمت هذه الليلة، نصب على أنه مفعول به لا ظرف أي: أريت ليلة القدر، وقد جزم سعيد بن زيد الباجي أن الرؤية بمعنى البصر أي: رأى علامتها أي: أعلمت له بها.

وهي السجود في الماء والطين ثم أُنسيتها، بصيغة المجهول أي: أنسانيها الله تعالى، ولعل الحكمة في نسيانها هو أن ينغفل الناس بتعظيمها وقد رأيتُني أي: رأيت نفسي في المنام في تلك الليلة من صُبْحَتِها أي: صبحة ليلة القدر يعني: أن كلمة "من" بمعنى في أسجد في ماء وطين، المراد أنه - صلى الله عليه وسلم - نسي علم تعينها تلك السنة لا رفع وجودها؛ لأمره بطلبها بقوله: فالتمسوها أي: اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر، من رمضان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط، ثم قال: "أُتيت أي: أتاني ملك من الملائكة فقيل لي: إنها في


(١) انظر: التمهيد (٢٣/ ٥٥).
(٢) انظر: تنوير الحوالك (١/ ٢٩٧).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>