للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العشر الأواخر" رواه البخاري. والتمسوها أي: ليلة القدر في كل وتر"، أي: من أوتار ليالي العشر الأواخر من رمضان من ليلة إحدى وعشرين والثالث والعشرين والخامس والعشرين والسابع والعشرين والتاسع والعشرين قال أبو سعيد: أي: الخدري الذي رواه البخاري عنه فَمَطَرت السماء من تلك الليلة، يقال: في الليلة الماضية التي الليلة إلى الزوال فيقال: البارحة، وفي رواية في (الصحيحين): وما نرى في السماء قزعة فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد وكان المسجد أي: مسجد المدينة سقفه مرفوع على أنه بدل البعض من الكل وهو لفظ المسجد عريشًا، أي: على مثل العريش وإلا فالعريش هو السقف أي: أنه كان مظللا بالخوص والجريد، ولم يكن محكم البناء بحيث يمكن من المطر، وفي رواية: وكان السقف من جريد النخيل فوكف المسجد، أي: قطر الماء من سقفه وهو من قبيل ذكر المحال وإرادة الحال قال أبو سعيد: فأبصرت عيناي أي: رأيت وهو تأكيد كقولك: أخذت بيدي، وإنما يقال في أمر بغير الوصول إليه إظهارًا للتعجب من تلك الحالة الغريبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف علينا أي: بعد ما فرغ من صلاة الصبح وعلى جَبْهته وفي رواية "جبينه" وأنفه أثر الماء والطين من صلاة صبح ليلة إحدى وعشرين متعلق، بقوله: انصرف.

وفي رواية: فنظرت إليه وقد انصرف بين صلاة الصبح ووجهة وأنفه فيهما الماء والطين تصديق رؤياه، وفيه السجود على الطين، وحمله الجمهور على الخفيف والسجود على الجبهة والأنف جميعًا فإن سجد على أنفه وحده لم يجزه وعلى جبهته وحده أساء وأجزأه قاله مالك والشافعي لا يجزيه تظاهر هذا الحديث، وقال أبو حنيفة: إذا سجد على جبهته أو ذقنه أو أنفه أجزء لخبر: "أمرت أن أسجد على سبعة آراب" وذكر منها الوجه فأي شيء وضع (ق ٤٠٧) من الوجه أجزاءه، وليس بشيء؛ لأن هذا الحديث ذكر فيه جمع من الحفاظ الجبهة والأنف، وأخرجه البخاري عن مالك به وطرقه كثيرة في الصحيحين وغيرهما.

وقال ابن عبد البر (١): هذا أصح حديث في الباب كذا قاله الزرقاني (٢).

* * *


(١) انظر: التمهيد (٢٣/ ٥٥).
(٢) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٢٨٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>