للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عمر من الفُرْع، وهو دون ذي الحُلَيْفَةَ إلى مكة، فإنَّ أمامها وقتٌ آخر، وهو الْجُحْفَة، وقد رُخِّصَ لأهل المدينة أن يُحرِموا من الجُحْفَة؛ لأنها وقت من المواقيت. بلغنا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من أحب منكم أن يستمتع بثيابه إلى الجحفة فليفعل"، أخبرنا بذلك أبو يوسف، عن إسحاق بن راشد، عن أبي جعفر محمد بن عليّ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

• أخبرنا مالك، وفي نسخة: محمد قال: بنا، وفي نسخة أخرى: أنا، أخبرني الثِّقَة عندي، أي: ربيعة بن أبي عبد الرحمن؛ اسمه فروخ ثقة تابعي فقيه مشهور، كان من الطبقة الخامسة من أهل المدينة، مات سنة ست وثلاثين ومائة، كذا قاله ابن حجر (٢) لما مرَّ من أن الثقة إذا أطلق يراد به ربيعة بن فروخ، وقال الزرقاني (٣): المراد بالثقة قيل: هو نافع أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما أحْرَمَ أي: مرة من إيلْيَاء وبكسر أوله ممدودًا مخففًا، وقد يشدد الياء الثانية ويقصد الحاسمة اسم مدينة بيت المقدس، كذا في النهاية. وفيه جواز تقديم الإِحرام على الميقات بل قيل: هو الأفضل إذا أمكن ارتكاب المحظور، ويؤيده ما رواه الحاكم أنه سئل علي - كرم الله وجهه - عن قوله تعالى في سورة البقرة: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] قال: أن تحرم من دويرة أهلك (٤). فالإِتمام في الآية بمعنى الإِكمال فيحمل الأمر على الاستحباب. كذا قاله علي القاري.

وقال الزرقاني (٥): وأما كراهة تقديم الإِحرام على الميقات فهي خوف أن يعرض للمحرم إذا بعدت مسافته ما يفسد إحرامه، وأما قصيرها فلما فيه من التباس الميقات والتحليل عنه، وهذا مذهب مالك وجماعة من السلف، فأنكر عمر على عمران بن حصين إحرامه من البصرة، وأنكر عثمان بن عفان على عبد الله بن عامر إحرامه قبل الميقات.

قال ابن عبد البر (٦): وهذا من هؤلاء - والله أعلم - كراهة أن يضيق المرء على نفسه


(١) محمد بن علي، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسل.
(٢) انظر: التقريب (١/ ١٧٢).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٣٢٤).
(٤) أخرجه: ابن أبي شيبة (٤/ ١٩٥)، والحاكم (٣٠٩٠)، والبيهقي في الكبرى (٨٧٨٧) (٩٠٠٩).
(٥) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٣٢٤).
(٦) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٣٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>