للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرجال وأرحام النساء، وأول من أجابه أهل اليمن فليس حاج يحج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ قال الزين بن المنير: وفي مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وقفهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى كذا قاله الزرقاني (١).

فإن قيل: من أي جبل أحجار الكعبة أخذها إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه حين بناها؟ أجيب: أخذها من خمسة جبال طور سيناء وطور رننا والجودي وأبي قبيس ونور، وفي أخذها من هذه الجبال عبرة للعالمين، فينبغي لمن يطوفها أن يعتبر وينظر بالإِجلال ويخشى من عظمة الله بالاحتجاب عن المعاصي بعد أن يطوفها؛ لأنه كان ضيفًا لله تعالى، والضيف لا يخالف المضيف وأن يتفكر أسرار قوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧] لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ كرره ثلاثًا مبالغة في التأكيد، أو الأول عند الولادة والثاني عند القبض والثالث عند البعث إلى المحشر، أو الأول عند العهد والميثاق حين خاطب تعالى بقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٧٢] قال: بلى والثاني: في الدنيا بالاستقامة على موجب قوله تعالى: {بَلَى} والثالث: عن سؤال المنكر والنكير في القبر عن ربه، وعن دينه وعن نبيه، أو كرره ثلاث مرات باعتبار اختلاف الأحوال من الغنى والفقر والتوسط وفي ذكره ثلاث مرات واتفق عليه البلغاء، وأما تكرير {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ١٣] و {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ} [المرسلات: ١٥] فليس من التأكيد في شيء لا شريك لك لَبَّيْكَ، أي: لا في الألوهية (ق ٤١٦) ولا في الربوبية فلا يستحق غيرك المعبودية إن الحمدَ روي بكسر الهمزة، وهو أكثر وأشهر بفتحها على أن "أن" للتعليل، والمراد بالحمد والثناء، والشكر بقرينة قوله: والنِّعْمَةَ بكسر النون أي: المنحة والعطية لك أي: مختصة بكرمك وجودك، ولا يحصل نقمة لأحد إلا بجودك والمُلْك، بالنصب عطف على الحمد والنعمة، ولذا يستحب الوقوف عليه، والتقدير: والمُلْك لا شريك لك"، في جميع ما ذكر من الحمد والنعمة والملك، فالجملة مؤكدة لما قبلها نافية الشركة لا حد فيها والمقصود منها التبري من الشرك والجلي والخفي.

قال الزين بن المنير: قرب الحمد والنعمة وأفرد الملك؛ لأن الحمد متعلق النعمة،


(١) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٣٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>