للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولهذا يقال: الحمد لله على نعمه فجمع بينهما كأنه قال: لا حمد إلا لك فهو معنى مستقل بنفسه ذكر للتحقيق أن النعمة كلها منه تعالى؛ لأن صاحب الملك قال: أي: نافع وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: أي: في آخرها فيقول لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ ثلاث مرات وَسَعْدَيْكَ أي: أساعد طاعتك بعد مساعدة في خدمتك والخَيْرُ بيَدَيْكَ، أي: الخير كله بيد الله ومن فضله أي: بقدرته وكرمه لَبَّيْكَ أي: بتصرفك في الدنيا والآخرة والاكتفاء بالخير مع أن الخير والنعم كلاهما بيديه إما تأدبًا في ترك نسبة الشر إليه أو كل شيء لا يكون خاليًا عن خير، كما يشير إليه ما ورد يا الله المحمود في أفعاله، وكما يقال: الخير فيما اختاره الله والرَّغْبَاءُ إليك وهو بفتح الراء مع المد وبضم الراء مع القصر وحكى فيه أبو علي فيه الفتح المستحق للعبادة والعَمَلُ أي: العمل لك خاصة أو منه إليك لا يستحق غيرك، ولا يجازى عليه سواك.

قال ابن دقيق العيد: فإن قيل: كيف زاد ابن عمر في التلبية ما ليس منها مع أنه كان شديد التحري لاتباع السنة، وفي حديثه عند مسلم من رواية سالم عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد على هذه الكلمات أي: المذكورة؟ أولا أجاب بأنه رأى أن الزيادة على النص ليست نسخًا، وأن الشيء وحده كذلك هو مع غيره فزيادته لا تمنع من إتيانه بتلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - أو فهم عدم القصر على تلك الكلمات، وأن الثواب يضاعف بكثرة العمل واقتصار المصطفى لا قلة ما يكفي وأجاب الولي العراقي بأنه ليس فيه خلط السنة بغيرها بل أي: بما سمعه ضم إليه ذكرًا آخره معناه، وباب الأركان لا تحجر فيه إذا لم يؤد إلى تحريف ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن الذكر خير موضوع، والاستكثار من حسن على أن أكثر هذا الذي زاده كان - صلى الله عليه وسلم - يقول في دعاء استفتاح الصلاة، وهو "لبيك وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك" (١) انتهى، والجوابان متقاربان كذا قاله الزرقاني (٢).


(١) أخرجه: مسلم (٧٧١)، وأبو داود (٧٦٠)، والترمذي (٣٤٢٢)، والنسائي في المجتبى (٨٩٦)، وأحمد (٨٠٥)، والدارمي (١٢١٨)، والنسائي في الكبرى (٩٧١)، وابن حبان (١٧٧٣)، وعبد الرزاق في مصنفه (٢٥٦٦)، وابن خزيمة (٤٦٢)، والدارقطني (٢٩٦٨)، والطبراني في الأوسط (٤٥٥٢)، والشافعي في المسند (١٣٩)، والبيهقي في الكبرى (٢٣٩١)، والشعب (٣١٣٣)، وأبو يعلى (٥٧٤)، والبزار (٥٣٦).
(٢) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٣٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>