للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقطع التَّلْبية لما في الصحيحين من حديث ابن عباس أن أسامة بن زيد كان ردف النبي - صلى الله عليه وسلم - من عرفات إلى المزدلفة، والفضل بن عباس كان ردفه من مزدلفة إلى منى فكلاهما قالا لم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبي حتى في جمرة العقبة (١).

وَمَنْ أحْرَمَ بِعُمْرَةٍ مفردَةٍ لَبَّى حتى يستلم الركن أي: يقبل الحجر الأسود، وصورة استلامه بالحجر الأسود أن يأتي المحرم للحج أو للقران حذاء الحجر الأسود ويرفع يديه كما رفعها في الصلاة ويجعل بياض كفيه نحو الحجر، ويقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير بسم الله، والله أكبر فيقبله إن قدر تقبيله من غير إزاء لما روي أنه - صلى الله عليه وسلم -: قبل الحجر الأسود ووضع شفتيه عليه وبكى طويلًا ثم نظر فإذا هو بعمر فقال: "يا عمر ههنا - أي: قف مكانك - تسكب العبرات"، وقال: "إنك قوي تؤذي الضعيف، فلا تزاحم الناس على الحجر الأسود ولكن إذا وجدت فرجة فاستلمه وإلا فأشر بيديك أو بشيء آخر فقبله" (٢) كذا في (الفرائد) وهو كان أبيض مضيئًا ما بين المشرق والمغرب ثم صار أسود بخطايا بني آدم - روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إن الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما ولو لم يطمس نورهما لأضاءت ما بين المشرق والمغرب". كذا أورده محيي السنة في (المصابيح)، والمراد بالركن الحجر، وبالمقام مقام إبراهيم صلوات الله على نبينا وعليه، فإن قيل: ما الحكمة في الاستلام بالحجر الأسود؟ والجواب: ما روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن الله تعالى أخذ الذر من ظهر آدم وقررهم بقوله: {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: ١٧٢] قالُوا بَلَى كما في سورة الأعراف: كتبه في رقه وأودعه في الحجر فمن يستلم الحجر الأسود فهو كأنه يجدد عهده السابق والحجر الأسود يشهد له يوم القيامة.


(١) أخرجه: البخاري (١٤٦٩)، ومسلم (١٢١٨)، وأبو داود (١٨١٥)، والترمذي (٩١٨)، والنسائي في المجتبى (٣٠٧٩)، وابن ماجه (٣٠٤٠)، وأحمد (١٨٠٥)، والدارمي (١٨٣٩)، والنسائي في الكبرى (٤٠٨٥)، وابن حبان (٣٨٠٤)، وابن أبي شيبة (٤/ ٣٤١)، وابن خزيمة (٢٨٨٥)، والشافعي في المسند (١٦٦٦٩)، وابن الجارود في المنتقى (٤٧٦)، والطبراني في الكبير (١٢٦٩٨)، والأوسط (٧٥٦)، والصغير (٦٣٨)، وأبو يعلى (٦٧١٦)، والبزار (٤١٤٢)، والبيهقي في الكبرى (٦٣٥٧).
(٢) أخرجه: أحمد (١٩١)، راجع تعليق الشيخ شاكر.

<<  <  ج: ص:  >  >>