للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإِتمام، يقتضي استمرار الإِحرام إلى فراغِ الحج ومنع التحلل والمتمتع يتحلل ويستمتع بما كان محظورًا عليه فقال سعد بن أبي وقَّاص: بئس ما قلتَ؛ أي: يا ابن أخي ملاطفة وتأنيسًا فإن الحظر الذي يجب عنه الحذر فقال الضحاك فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك أي التمتع كما في (الموطأ) لمالك، روى الشيخان (١) واللفظ لمسلم عن أبي موسى: كنت أفتي الناس بذلك أي: بجواز التمتع في إمارة أبي بكر وعمر وإني لقائم بالموسم إذ جاءني رجل فقال: إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك قال: إنه بكتاب الله تعالى فإنه تعالى قال: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] وأن نأخذ بسنة نبينا فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحل حتى نحر الهدي ولمسلم أيضًا فقال عمر: قد علمت (ق ٤٢٩) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد فعله وأصحابه ولكن كرهت أن تظنوا معربين بهن أي: النساء في الأراك ثم تروحون في الحج تقطروا رؤوسهم، فبين عمر العلة التي لأجلها كره التمتع، وكان في رأيه عدم الترفه للحاج بكل طريق فكره قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر البلل إلى ذلك بخلاف من بعد عهده ومن يعظم بتعظيم، فقال سعد: قد صنعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: المتعة اللغوية، وهي الجمع بين الحج والعمرة وحكم القران والمتعة واحد للأنواع الثلاثة في الحج من الإِفراد والتمتع والقران جائز بالإِجماع، وإنما الخلاف في الأفضل منها كما قدمناه وصنعناها معه أي: فعلنا المتعة اللغوية والشرعية مع النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والحاصل: أن القران وقع منه - صلى الله عليه وسلم - والتمتع من بعض أصحابه بعلمه واطلاعه فالطف في كل منهما جهل بأمر الله تعالى، وقال سعد بن زيد الباجي المالكي: إنما نهى عمر؛ لأنه لم ير الإِفراد أفضل منهما ولم ينه عنها على وجه التحريم.

قال محمد: القِرَانُ عندنا أي: معشر الحنفية أفضل من الإِفراد بالحج، أي: مع إتيان عمرة بعده، وإلا فمن المعلوم أن العبادتين خير من عبادة واحدة إجماعًا فالمعنى أن بالجمع بينهما بإحرام أفضل من إتيانهما بإحرامين وإفراد العُمْرَة، أي: ومن إفراد العمرة في أشهر الحج وإفراد الحج بعدها ليكون متمتعًا وإلا فالعمرة سنة عندنا والحج وحده أفضل منها إجماعًا فإذا قَرَنَ أي: بين النسكين طاف بالبيت لعمرته، أي. طواف الفرد لها


(١) أخرجه: البخاري (١٤٨٤)، ومسلم (١٢٢١)، والنسائي في المجتبى (٢٧٣٧)، وأحمد (٢٧٥)، والدارمي (١٧٦٠)، والنسائي في الكبرى (٣٧١٨)، وابن الجارود في المنتقى (٤٣٢)، وأبو يعلى (٧٢٧٨)، والبيهقي في الكبرى (٨٩٥١)، والطيالسي في مسنده (٥١٦)، والروياني (٥٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>