ويكفي للدلالة على اختلاف الموطأين أنه: بالإِضافة إلى ما سبق فإن موطأ محمد اقتطع منه (كتاب العقول)، و (كتاب القدر)، و (كتاب العين)، و (كتاب الشعر)، وغيرها إذا استثنينا منه بعض الآثار المبثوثة في أبواب أخرى.
وأحصى (اللكنوي) أحاديث موطأ محمد ورواته من الصحابة من طريق مالك وغير مالك حسب كتبه وأبوابه فقال: وقد اجتهدت في جمعها، وسهرت في عدِّها.
وبعد أن يقسم الموطأ إلى مجموعات ويحصي كل مجموعة على حدة يقول: فجميع ما في هذا الكتاب من الأحاديث المرفوعة والآثار الموقوفة على الصحابة ومن بعدهم، مسندة كانت أو غير مسندة (١٢٨٠)، منها عن مالك (١٠٠٥)، وبغير طريقه (١٧٥)، منها عن أبي حنيفة (١٣)، ومن طريق أبي يوسف (٤)، والباقي عن غيرهما.
ثم يقول: وليعلم أني أدخلت في هذا التعداد كل ما في هذا الكتاب من الأخبار والآثار، سواء كانت مسندة أو غير مسندة، بلاغيّة أو غير بلاغيّة، وكثيرًا ما تجد فيه آثارًا متعددة عن رجل واحد، أو عن رجال من الصحابة وغيرهم، بسند واحد، وتجد أيضًا كثيرًا من المرفوع، والآثار بسند واحد فذكرت في هذا التعداد كلّ واحد على حدة.
وإذًا فمن اختلاف الموطأ هذا عن غيره زيادة (١٧٥) حديثًا مرفوعًا وأثرًا لصحابي أو تابعي، وهي بغض النظر عن درجة صحتها وحسنها برهان آخر على اعتماد فقه العراق على السنّة والآثار مع ملاحظة أن (١٣) منها مرويّ عن طريق أبي حنيفة الإِمام، ومما انفردت به نسخة موطأ محمد هذه حديث مالك: أخبرنا أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه: عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت أعتقت جارية لها عن دُبُر منها، وأن عائشة بعد ذلك اشتكت ما شاء الله أن تشتكي، ثم إنه دخل عليها رجل سندي فقال لها: أنت مطبوبة، قالت له عائشة: ويلك، ومن طبَّني؟ قال: امرأة من نعتها كذا وكذا وصفها.