للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

• محمد قال: أخبرنا وفي نسخة: حدثنا، وفي نسخة أخرى: نا، رمزًا إلى أخبرنا مالك، قال: كما في نسخة حدثنا، وفي نسخة: ثنا رمزًا إلى حدثنا أبو نُعيم بالتصغير، وهب بن كَيْسَان، بفتح وسكون القرشي مولاهم، وأيوب السختياني وآخرون، وثقه النسائي وغيره، وروى له الجميع، وكان في الطبقة الرابعة من طبقات كبار التابعين، ومات سنة سبع وعشرين، قال: سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري، من مشاهير الصحابة، شهد العقبة الثانية مع أبيه وهو صغير، استشهد بصفين مع علي رضي الله عنه، ومات بالمدينة آخر الصحابة في قول.

يقول: رأيت أبا بكر الصديق رضوان الله عليه لسبقه لصدق النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان علي يحلف أن الله أنزل اسم أبي بكر من السماء الصديق، أكل لحمًا ثم صلى ولم يتوضأ، فهؤلاء الخلفاء الأربعة وعامر بن ربيعة وابن عباس، رضي الله عنهم، فعلوا ذلك بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - فدل على نسخ الوضوء مما مسته النار. وقد قال مالك: إذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثان وعمل أبو بكر وعمر بأحدهما، دل على أن الحق ما عملا به.

وكان مكحول يتوضأ مما مسته النار، فأخبره عطاء بن رباح بحديث جابر هذا عن أبي بكر فترك الوضوء، وقال: لأن يقع أبو بكر من السماء إلى الأرض أحب إليه من أن يخالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وأتى الإِمام بذلك لرد قول شيخه ابن شهاب أنه ناسخ لحديث الإِباحة.

روى البخاري ومسلم عن عمرو بن أمية: أنه رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحتز كتف شاة فأكل منها، فدُعِي إلى الصلاة فألقاها والسكين، وصلى ولم يتوضأ (١). زاد البيهقي: قال الزهري: فذهبت تلك القصة. . . ثم آخر رجال من الصحابة ومن أزواجه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "توضأ مما مسته النار"، قال: وكان الزهري يرى أن الأمر بذلك ناسخ لأحاديث الإِباحة؛ لأن الإِباحة سابقة، واعترض عليه بحديث جابر، قال: كان آخر الأمرين (ق ٣٤)، من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك الوضوء مما مسته النار (٢)، رواه أبو داود والنسائي وغيرهما.


(١) أخرجه: البخاري (٢٠٨)، ومسلم (٣٥٥).
(٢) أخرجه: أبو داود (١٩٢)، والنسائي (١٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>