للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن السؤال كان بالمدينة وللبخاري ولمسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه - صلى الله عليه وسلم - خطب بذلك في عرفات فيحمل على التعدد، ويؤيده أن في حديث ابن عباس ابتدأ به في الخطبة، وفي حديث ابن عمر أجاب به السائل فقال: أي: رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما في (الموطأ) ليحيى: "لا يلبس أي: المحرم القُمُصَ بضم القاف والميم جمع قميص، وفي رواية التنيسي: لا يلبس بالرفع على الأشهر خبر عن حكم الله أن هو جواب السؤال وخبر بمعنى النهي، وبالجزم على النهي وكسر لالتقاء الساكنين ولا العمائم بفتح العين المهملة جمع عمامة بكسر العين سميت بذلك؛ لأنها تعم جميع الرأس ولا السَّرَاويلات، أو جمع الجمع أو جمع سروال فارسي معرب، والروايتين بالنون لغة وبالشين المعجمة لغة أيضًا ولا البَرَانِسَ، (ق ٤٥٧) بفتح الموحدة والراء المهملة وألف، وبكسر النون والسين المهملة جمع البرنس بضمتين، وهو قلنسوة طويلة أو كل ثوب رأسه دراعة كان أو جبة ولا الخِفاف، بكسر الخاء المعجمة جمع خف فنبه بالقميص على كل ما في معناه وهو المخيط المعمول على قدر البدن، وبالسراويل على المخيط المعمول على قدر بعض منه كالتبان والقفاز وغيرهما وبالعمائم والبرانس على كل ثوب يغطي رأسه مخيطًا أو غيره، وبالخفاف على ما يستر الرجل كالجورب وغيره، والمراد بتحريم المخيط ما يلبس على الوضع الذي جعله له ولو في بعض البدن، فلو ارتدى بالقميص مثلًا قال الخطابي: ذكر العمامة والبرنس معًا ليدل على أنه لا يجوز تغطية الرأس لا بالمعتاد ولا بالنادر.

قال الحافظ (١): إن أراد لبسه كالقبع صح ما قال، وإلا فمجرد وضعه على رأسه على هيئة الحامل له لا يضر في مذهبه كالانغماس بالماء، فإنه لا يسمى لابسًا وكذا ستر الرأس باليد، وأجمعوا على اختصاص النهي بالرجل فيجوز للمرأة لبس جميع ما ذكره حكاه ابن المنذر، فإن قيل: السؤال وقع عما يجوز لبسه والجواب وقع عما لا يجوز فما حكمته؟ أجاب العلماء كما قال النووي (٢): بأن هذا الجواب من بديع الكلام وجزله ما لا يُلبس منحصر فصرح به، وأما الجائر فغير منحصر فقال: لا يلبس كذا أي: يلبس ما سواه.

وقال البيضاوي (٣): أجاب بما لا يلبس ليدل بالالتزام من طريق المفهوم على ما


(١) انظر: الفتح (٣/ ٤٠١).
(٢) انظر: شرح النووي على مسلم (٨/ ٧٣).
(٣) انظر: شرح الزرقاني (٢/ ٣٠٦)، والفتح (٣/ ٤٠٢)، ونيل الأوطار (٥/ ٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>