للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن أبي طلحة العبدري وأردتُ أن تحضُر ذلك، أي: مجلس العقد هنالك فيه ندب الاستئذان لحضور العقد، وفي نسخة: إن مخفقة من إني فأنكر عليه أبان، أي: جوازه فقال: ألا أراه عراقيًا جافيًا كما في رواية لمسلم، وله في أخرى: أعرابيًا أي جاهلًا بالسنة كالأعراب ومعنى رواية القاف أخذ بمذهب أهل العراق تاركًا بالسنة وقال: أي: أبان بن عثمان بن عفان الأموي المدني إني سمعتُ عثمان بن عفان رضي الله عنه، يعني أباه، وفي تصريحه سمعت رد على من قال: أنه لم يسمع أباه فالمثبت مقدم على المنفي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَنكِحُ بفتح التحتية نفيًا أو نهيًا أي: لا يعقد لنفسه المُحْرِم أي: بحج أو عمرة أو بهما ولا يخطب، يحتمل الخطبة بكسر الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة وبضم الخاء وسكون الطاء وفتح الموحدة فيهما، لكن المراد هنا الأول؛ لأن الخطبة بكسر المعجمة وسكون المهملة وفتح الموحدة، بمعنى دعوة المرأة للتزوج، كذا قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري) ولا يُنْكح" بضم التحتية وسكون النون لا يزوج غيره بولاية ولا وكالة فيه حرمة العقد، وبه قال الجمهور من الصحابة فمن بعدهم، فلو عقد لم يصح وليفسخ أبدًا بطلقة عند مالك للاختلاف فيه، فيزال الاختلاف بالطلاق احتياطًا للفرج.

وقال الشافعي: بلا طلاق، وقال أبو حنيفة والكوفيون: يصح نكاحه وإنكاحه، وأجابوا عن هذا الحديث بأنه ليس نهيًا عن نكاح المحرم بل هو إخبار عن حاله، وأنه لاشتغاله بنسكه ولا يتبع زمانه لعقد النكاح ولا يتفرغ له، وبأنه المراد بالنكاح هنا الوطء لا العقد، فقوله: لا ينكح ولا يطأ، وتعقب بأن الرواية الصحيحة بالجزم على النهي لا على حكاية الحال وحمله عليها لا يكون إخبارًا عن أمر شرعي، بل عن قصة يشترك في معرفتها الخاص والعام وحمل كلام الشارع على الشرعيات التي لا تعلم إلا من جهة أولى أيضًا، فإن أبان بن عثمان بن عفان روى الحديث فهم أن المراد النهي وأنكر عمر بن عبيد الله وأقام عليه الحجة بالحديث، وحمل النكاح على الوطء لا فائدة فيه إن هو أمر مقرر يعلمه كل واحد، وأيضًا فهو خلاف فهم راويه، ولو صح في الجملة الأولى لم يصح في الثانية، فإن قوله: ولا ينكح نهي عن التزويج بلا شك، وإذا منع من العقد لغيره فأولى لنفسه، ولا حجة لهم في قول ابن عباس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوج ميمونة رضي الله عنها وهو محرم رواه البخاري (١) ومسلم (٢) وأصحاب


(١) البخاري (١٧٤٠).
(٢) مسلم (١٤١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>