رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا كان ببعض الطريق أي: طريق مكة كما في (الموط) أليحيى، وفي (الصحيحين) من رواية عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه: انطلقنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية فأحرم أصحابه ولم أحرم حتى كانوا ببعض الطريق مكة تخلَّفَ أي: عن مرافقة النبي - صلى الله عليه وسلم - مع أصحابٍ له مُحْرِمين، وهو أي: والحال أن أبا قتادة غير مُحْرِم، قال النووي: فإن قيل: كيف كان أبو قتادة غير محرم وقد جاوز ميقات المدينة، وقد تقرر أن من أراد حجًا أو عمرة لا يجوز له مجاوزة الميقات غير محرم. قال القاضي: وجواب هذا أن المواقيت لم تكن وقتت بَعدُ، وقيل؛ لأنه (ق ٤٧٩) - صلى الله عليه وسلم - بعثه ورفقته يكشف عدوًا لهم بجهة الساحل. ذكره السيوطي.
وفي الجوابين: بحث؛ أما الأول فبعد أن لم يوقت بعد، وأما الثاني فلأن بعثه ورفقائه بعد المجاوزة بدليل كونهم محرمين معه؛ فالأوجه أنه أخر إحرامه ليحرم من الميقات الثاني، كما تقدم كذا قاله علي القاري.
وفي البخاري من طريق عمرو بن الحارث وهم محرمون، وأنا رجل على فرسي وكنت رقًا على الجبال فبينا أنا على ذلك إذ رأيت الناس متشوفين فذهبت أنظر فرأى حِمارًا وَحْشِيًا، فاستوى على فرسه، وفي رواية عمر: وكنت نسيت سوطي، وفي رواية عبد الله بن أبي قتادة: فسقط مني سوطي، فلعله أطلق النسيان على السوط وعكسه تجوزًا فسأل أصحابه أن يُنَاوِلوه سوطه، فأبَوْا، أي: امتنعوا عن مناولته إياه حيث عرفوا أنه قصد الصيد، وفي رواية عمرو قالوا: لا نعينك عليه فسألهم أن يُنَاوِلُوهُ رُمحه، فأبَوْا، فأخذه، أي: ما ذكر من سقوطه ورمحه ثم شدَ أي: حمل على الحمار أي: الوحشي فقتله، أي: برمحه وطبخه، وفي رواية عبد الله بن أبي قتادة، قلت: ناولني السوط، قالوا: والله لا نعينك عليه بشيء، فنزلت فتناولته ثم ركبت، فأدركت الحمار من خلفه وهو وراء أكمة فطعنته برمحي فعقرته، وفي رواية عمرو: فأتيت إليهم فقلت لهم: قوموا فاحتملوا قالوا: لا تمسه، فحملته حتى جئتهم به فأكل منه بعض أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: بناء على أن الأصل جوازه وأَبَى بعضهم، أي: من الأكل، وفيه جواز الاجتهاد في الفروع، والاختلاف فيها إذا استند كلُّ إلى دليل في ظنه، وفي رواية: أنهم شكوا في أكله إياه وهم حرم، وفي أخرى: فقلنا: إنا نأكل لحم صيد ونحن محرمون، فلما أدركوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألُوهُ عن ذلك، أي: ذكروا له القصة على ما هي عليه وأن أصحابه لم يعينوه بمناولة سوط