للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفرغت منه أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أخي عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التَّنْعيم بفتح الفوقية وسكون النون وكسر المهملة مكان خارج مكة على أربعة أميال منها إلى جهة المدينة، كما نقله الفاكهاني.

وقال المحب الطبري: أبعد من أدنى الحل إلى مكة بقليل وليس بطرف الحل بل نحوهما نحو الميل، ومن أطلق عليه طرف الحل فهو تجوز. وروى الفاكهاني عن عبيد بن عمير: إنما يسمى التنعيم؛ لأن الجبل الذي عن يمين الداخل يقال له: ناعم والذي عن يساره يقال له: منعم، والوادي نعمان أي بفتح النون فاعتمرتُ أي: منه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "هذه أي: العمرة، وفي (الموطأ) ليحيى: هذا أي: الاعتمار مكان عمرتك" بالرفع خبر والنصب على الظرفية وعامله محذوف، وهو الخبر أي: كائنة مجعولة مكان عمرتك ومضاف إلى عمرتك.

قال القاضي عياض: والرفع أوجه عندي إذ يرد به الظرف وطاف الذين حَلوا؛ بالحاء المهملة المفتوحة واللام المضمومة المشددة وسكون الواو، أي: خرجوا من إحرام العمرة بالبيت أي: بسبب طواف البيت طواف العمرة وبين الصفا والمروة, أي: وسعى الذين حلوا بين الصفا والمروة وفي (الموطأ) لمالك (ق ٥٠٢). ثم حلوا أي: خرجوا من إحرام العمرة بالحلق أو التقصير ثم أي: بعد طواف العمرة وسعيها بينهما أو بعد الخروج عن إحرامها بالحلق أو التقصير طافوا طوافًا آخر أي: بلا إفاضة، ووقع لبعض رواة البخاري: طوافًا واحدًا، والصواب الأول كذا قاله القاضي عياض بعد أن رجعوا من مِنى, أي: لحجهم يوم النحر، ويحتمل أنهم قدموا السعي أو أخروه وأما الذين كانوا أي: من الصحابة جمعوا الحج والعمرة، أي: بأن أحرموا بها فإنما كانوا طافوا طوافًا واحدًا أي: على زعمها؛ لأن القارن يكفيه طواف واحد؛ لأن أفعال العمرة تندرج في أفعال الحج، وإلى هذا ذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور.

وقال الحنيفة: لا بد للقارن طوافين وسعيين؛ لأن القران هو الجمع بين العبادتين، فلا يتحقق القران إلا بالإِتيان بأفعال كل منهما، والطواف والسعي مقصودان فيهما فلا يتداخلان إذ لا تداخل في العبادات. كذا قاله الزرقاني (١).

قوله: وطاف الذي أهلوا بالبيت. . . إلى آخره كلام مدرج عن عائشة رضي الله


(١) في شرحه (٢/ ٥٠٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>