للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: بنا عبد الرحمن بن القاسم أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي، يكنى أبا محمد المدني ثقة جليل قال ابن عيينة: كان أفضل أهل زمانه، وكان في الطبقة السادسة من طبقات التابعين من أهل المدينة، ومات سنة ست وعشرين ومائة وقيل بعدها، كذا قاله ابن حجر (١)، ومنقبته سبقت في باب القراءة في صلاة الجمعة أن أباه القاسم، أي: ابن محمد بن أبي بكر الصديق كان يدخل مكة ليلًا، وهو مُعْتَمِر، قيد وقوعي لا احترازي فيطوف بالبيت كما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها. أن أول شيء بدأ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف بالبيت والصَّفَا والمروة، أي: سعي بينهما ليلًا لبيان جوازهما ليلًا، وكانت العبادة أفضل أن تكون بالخفية ويؤخِّر الحِلَاق بكسر الحاء المهملة أي: الحلاقة، وفي نسخة: الحلق حتى يُصْبِح، ولعل تأخيره لعدم وجود السراج عنده ولكنه لا يعود إلى البيت فيطوف به أي: ثانيًا حتى يحلق، أي: أو يقصر ليقع التوالي بين طواف الأول وحلقه من غير فاصل بينهما، وإن كان جائز وربما دخل المسجد أي: آخر الليل فأوْتَرَ فيه، أي: تهجد مع الوتر في المسجد ثم انصرفَ، أي: عن المسجد، وفي نسخة: وانصرف بالواو ولم يقرب البيت أي: للطواف ولا للاستلام.

قال محمد: لا بأسَ بأن يدخل الرجل مكة، أي: وقت قصدها إن شاء ليلًا، وإن شاء نهارًا؛ لكن عمل السر خير من العلانية في غير الفريضة فيطوف ويسْعَى، أي: ليلًا أو نهارًا ولكنه أي: الشأن لا يعجبنا أي: لمحرم طاف وسعى، وكذا إذا طاف ولم يسع بالأولى أن يعود في الطَّوَاف أي: فضلًا لما قدمناه واحتياطًا؛ لأنه يوجب الوسوسة حتى يحلق أو يُقَصِّر، كما فعل القاسم، وهو أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة، وكان من أفضل أقرانه في زمانه من علو شأنه وأما الغُسْل أي: الذي كان يفعله ابن عمر يأمر به غيره حين يدخل أي: مكة فهو حَسَنٌ، أي: مستحب وليس بواجب أي: ولا سنة مؤكدة، لما سبق أنه - صلى الله عليه وسلم - دخل مكة ليلًا في عمرته ونهارًا في حجته.

لما فرغ من بيان حكم حال من يريد دخول مكة وما يستحب له من الغسل، شرع في بيان حكم السعي بين الصفا والمروة، فقال: هذا

* * *


(١) في التقريب (١/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>