أنها أي: أم سلمة قالت: شكيتُ أي: مرضت أو شكوت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من وجع بي أو برجل وأنا أريد الطواف فذكرتُ ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أي: بأن أقول: إني مريضة فقال: "طوفي من وراءِ الناس"، (ق ٥١٢) أي: من الطوافين والمصلين، والأظهر لما سيأتي من أن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف، ولأن بقربها يخاف تأذي الناس بدابتها وقطع صفوفهم وأنتِ راكبة، أي: على دابة، زاد في رواية هشام بعيرك، وبيَّن فيها أن طواف الوداع ولفظه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أراد الخروج ولم تكن أم سلمة طافت، فقال لها:"إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك" قالت: فطفتُ أي: راكبة بعيري ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي إلى جانب البيت، أي: يصلي صلاة الصبح بالناس ملصقًا بالكعبة، وبعض أصحابه من رواته وآخرون متحلقًا حول الكعبة ليتأتى لها الطواف راكبة ويقرأ بـ {وَالطُّورِ (١) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ} [الطور: ١، ٢] أي: سورة الطور كلها أو بعضها.
فائدة: ذكرها بيان كمال استحضارها، وفيه جواز طواف الراكب لعذر، ويلحق به المحمول للعذر، أما بلا عزر فمنعه مالك وكرهه الشافعي، لقوله تعالى في سورة الحج:{وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحج: ٢٩] ولو طاف راكبًا لم يطف به إنما طاف به غيره، وركوبه - صلى الله عليه وسلم - إنما كان للعذر، ففي أبي داود (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما: قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو يشتكي فطاف على راحلته، وفي حديث جابر عند مسلم أنه - صلى الله عليه وسلم - طاف راكبًا ليراه الناس ويسألوه، فيحتمل أنه فعل ذلك للأمرين، ولذا ركوب أم سلمة للعذر، زاد هشام في روايته فعلت ذلك فلم تصل حتى خرجت أي: من المسجد أو من مكة، فدل على جواز صلاة ركعتي الطواف خارجًا من المسجد أن لو كان ذلك شرطًا لازمًا أقرها - صلى الله عليه وسلم - على ذلك في رواية حسان بن إبراهيم عن هشام عن الإِسماعيلي قالت: ففعلت ذلك، ولم أصل حتى خرجت فصليت وفيه رد على من قال: يحتمل أنها أكملت طوافها قبل صلاة الصبح ثم أدركتهم فصلتهم معهم ورأت أنها يجزيها عن ركعتي الطواف، واستدل به على أن من نسي ركعتي الطواف قضاها، حيث ذكرها من حل أو حرم وهو قول الجمهور، نعم قال مالك: إن تباعد ورجع إلى بلده فعليه دم، وتعقبه ابن المنذر بأن ذلك ليس أكبر من صلاة مكتوبة، وليس على من تركها غير قضائها حيث ذكرها، وهو مردود بأن للحج