للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسقون دوابهم، ويحملونه معهم من مكة إلى عرفات ليستعملوه في الشرب وغيره، فتهل أنت وتبين جوابه أنه كان لا يهل حتى يركب قاصدًا إلى منى.

قال عبد الله: أي: ابن عمر في جوابه أما الأركان؛ التي ذكرتها وتخصص باستلام الركنين منها فسببه المتابعة فإني لم أر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَمَسّ أي: قبل إلا اليمانَيْن، أي: مع تفاوت الاستلام فيهما، فإن زاد التقبيل في الحجر دون اليمان، وفي رواية: وضع الجبهة أيضًا على الحجر خاصة، روى الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سجد على الحجر وروى ابن المنذر والحاكم، وصححه عن ابن عباس أيضًا أنه كان يقبله ويسجد عليه بجبهته وقال: رأيت عمر قبله وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فعل ذلك وفعلته، وأما استلام الركن اليماني من غير تقبيل فحسن في قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقال محمد: يفعل فيه كما يفعل بالحجر الأسود، ولا يستلم الركن العراقي والشامي، وعن الأئمة الأربعة خلافًا لبعض السلف، وتبعهم بعض أهل البدعة ولنا ما تقدم من الحديث، وقد رواه الجماعة إلا الترمذي، ولأن الركن العراقي والشامي ليسا بركن في الحقيقة، وإنما هي من وسط البيت؛ لأن بعض الحطيم من البيت وأما النعال السِّبتية أي: واختيار لبسها فإني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلبس النعال التي ليس فيها شعر، ويتوضأُ فيها، فيه إيماء إلى وجه امتياز ما لم يكن فيها شعر فأنا أحب أن ألبسها، أي: متابعة لمن لبسها وتوفي بعض الأحيان، وأما الصُّفرة أي: الصبغ بها (ق ٥١٧) فإني رأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصبُغُ بها وأنا أحبُ أن أصبغ بها.

قال المازري: قيل المراد به صبغ شعر رأسه بالحناء؛ فإنه ينفع الصداع ويقيد لدفع الحرارة ويثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - صبغة به، كما حرره علي القاري في (شرح الشمائل)، وقيل: المراد به صبغ الثوب.

قال المازري: وهو الأشبه؛ لأرة ينقل أنه صلى الله تعالى عليه وسلم صبغ شعره، وقال القاضي عياض: هو أظهر الوجهين، وقد جاءت آثار عن ابن عمر رضي الله عنه بين فيها تصفير ابن عمر لحيته.

واحتج أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصفر لحيته بالورس والزعفران. رواه أبو داود وذكر أيضًا في حديث آخر احتجاجه أنه - صلى الله عليه وسلم - كان يصبغ بها ثيابه حتى عمامته، وأجيب عن الأول باحتمال أنه كان مما يتطيب؛ لأنه كان يصبغ بها شعره.

<<  <  ج: ص:  >  >>