للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما إذا كثر الرُّعاف بضم المثلثة، أي: غلب بحيث لم يكن له دفعُه فكان، أي في شأن الرجل إن أومأ بالهمزة، أي: أشار برأْسه إيماء وأجزأه، أي: كفاه الإِيماء عن الركوع والسجود.

وإن كان الدم يرعف، أي: يقطر على كل حال، أي: سواء سجد أو ركع.

وأما إذا أدخل الرجلُ أصبعه في أنفه فأخرج عليها، أي: على إصبعه، شيئًا أي: قليلًا من الدم، أي: غير سائل، فهذا لا وُضوءَ فيه؛ لأنه غير سائل ولا قاطر، أي: فيكون معفوًا عنه، وإنما الوضُوءُ الواجب في الدم مما سال، أي: ما يجب تطهيره في وضوء، أو غسل، أو قَطَرَ، أي: لم يسل متتابعًا، وهو قولُ أبي حنيفة رحمه الله.

اعلم أن الخارج النجس من غير السبيلين كالرعاف والقيء والفصد والحجامة، لا وضوء عنه، عند مالك والشافعي.

وقال أبو حنيفة رحمه الله بوجوبه، بالدم السائل وبالقيء إذا ملأ الفم.

وقال أحمد: إن كان كثيرًا نقض، رواية واحدة، وإن كان يسيرًا ففيه روايتان، ومن الأدلة لمذهبنا حديث: "الوضوء من كل دم سائل" (١)، رواه الدارقطني وابن عدي.

وروى ابن ماجه، عن عائشة رضي الله عنها، مرفوعًا: "من أصابه قيء، أو رعاف، أو قلس، أو مذي، فلينصرف، وليتوضأ ثم ليبن على صلاته، وهو في ذلك لم يتكلم"، والقلس، بفتح القاف وسكون اللام والسين: طعام أو ماء يدفعه المعدة في المرتبة الأولى، سواء كان ملأ الفم أم لا، وما تدفعه في المرتبة الثانية يقال له: قيء، كذا قاله محمد الواني في (ترجمة الجوهري)، وفي (مصنف) عبد الرزاق (٢): أخبرنا الثوري عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي رضي الله عنه، قال: إذا وجد أحدكم رزًا أو رعافًا أو قيئًا فلينصرف وليتوضأ فإن تكلم استقبل، وإلا اعتد بما مضى.

والرز، بكسر الراء المهملة والزاي المعجمة المشددة: صوت خفي، كذا نقله علي


(١) أخرجه: الدارقطني (١/ ١٥٧)، وقال: عمر بن عبد العزيز لم يسمعه من تميم الداري، ولا رآه، ويزيد بن خالد، ويزيد بن محمد: مجهولان.
(٢) أخرجه: ابن أبي شيبة (٢/ ١٠٠)، وعبد الرزاق في مصنفه (٣٦٠٦)، والدارقطني (١/ ١٥٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>