للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأوصى أنس بن مالك رضي الله عنه أن يغسله، فقيل له في ذلك، وكان محبوسًا، فقال: لا أستطيع فقالوا: قد استأذنا الأمير فقال: إن الأمير لم يحسبني إنما حسبني صاحب الحق فأذن له صاحب الحق فخرج فغسله، قال: يونس بن عبيد أما ابن سيرين، فإنه لم يعرض له أمران في دينه إلا أخذ بأوثقهما، واشترى شيئًا فأشرف فيه على ثمانين ألف فعرض في قلبه عنه شيء فتركه، قال سليمان التيمي: لقد تركته في شيء ما يختلف فيه أحد من العلماء، وقال هشام بن حسان: تركها في شيء ما ترون به اليوم بأسًا، وكان إذا دعا إلى وليمة دخل من له فيقول: اسقوني شربة من سويق فيقال: أنت تذهب إلى الوليمة وتشرب سويقًا فيقول: إني أكره أن أحمل جر جوعي على طعام الناس، وكان إذا دخل على أمه لا يكلمها بلسانه كله تخشعًا لها، ودخل رجل وهو عند أمه فقال: ما حاله يشتكي شيئًا قالوا: لا، ولكن هكذا يكون إذا كان عندها، وبعث ابن هبيرة إليه وأتى الحسن والشعبي فدخلوا عليه فقال لابن سيرين: ماذا رأيت حين قربت من بابنا قال ظلمًا فاشيًا فغمزه ابن أخيه بمنكبه فالتفت إليه فقال: إنك لست تسأل، إنما نسئل، فأرسل إلى الحسن بأربعة آلاف درهم، وإلى محمد بن سيرين بثلاثة آلاف درهم، وإلى الشعبي بألفين، فأما ابن سيرين فلم يأخذ فقيل: ما منعك أن لا تقبل؟ قال: إنما أعطاني كان يظنه بي، ولئن كنت كما ظن فما ينبغي لي أن أقبل، وإن لم أكن كما ظن فبالأحرى أن لا يجوز لي أن أقبل، وكان له حوانيت لا يكريها إلا من أهل الذمة، وكان إذا سئل عن الرؤيا قال: اتق الله في اليقظة ولا يضرك ما رأيت في المنام، وكان ربما سمع بكاؤه وهو يصلي في جوف الليل، وكان إذا ذكرت الموت مات كل عضو منه على حدته. كذا قاله ابن الجوزي في (طبقاته)، أي عن رجل من التابعين أخبره عن عبد الله بن عباس، أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إنَّ أمي امرأة كبيرة لا تستطيع أن نحملها أي: نركبها على بعير، أي: خوفًا لسقوطها لعدم قدرتها على استمساكها بنفسها وإن رَبَطْناها أي: فوق بعيرها خِفْنا أن تموت، أي: لشدة ربطها وقلة ضبطها أفأحجُ أي: أنا عنها؟ أي: نيابة قال: "نعم" بفتح النون وفتح العين المهملة وسكون الميم حرف تصديق، لما بعد الاستفهام أي: حج عن أمك.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>