أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أتصدق بجلال البدن التي نحرت وبجلودها، وفيه استحباب التجليل والتصدق بذلك الجل، ولفظ: أمر لا يقتضي الوجوب؛ لأن ذلك في وصيفة افعل لا لفظ أمر، كما قاله الزرقاني (١).
قال محمد: وبهذا نأخذ، إنما نعمل بما رواه عبد الله بن دينار عن ابن عمر ينبغي أي: يجب ويتعين أن يتصدّق أي: صاحب الهدي بِجِلال البدن بضم الموحدة وسكون الدال المهملة وبِخُمُطِها، بضم الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة والميم جمع خطام البعير، وهو زمامه المعروف والباء فيه وفي ما قبله بمعنى المصاحبة، وفي إعادتها وعدم الاكتفاء بدلالة القرينة عليها دلالة على أن للمصنف مزيد اعتناء واهتمام في هذا الحكم، وإشعارًا بأنه يجب على صاحب الهدي أن يتصدق مع زمامه وأن لا يعطي الجزَّار أي: لأجل أجرته وهو بفتح الجيم وتشديد الزاء المعجمة والألف، والراء المهملة رجل يذبح الهدي ويقطع اللحم من ذلك شيئًا، أي: مما ذكر من جلال البدن ولا من لحومها وفي معناها جلودها، بل يعطى أجرته من غيرها ثم إن كان فقيرًا فلا بأس أن يعطيه شيئًا منها.
وبلغنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث مع عليّ بن أبي طالب بهدي، أي: مشتمل على مائة بدنة فأمره أي: عليًا أن يتصدَّق بِجِلاله، وبِخُطِمِها، أي: الهدي وفي نسخة الشارح بجلالها وتأنيث الضمير باعتبار البدن والهدايا وأن لا يعطي الجزَّار أي: لأجل أجرته من خُطْمه وجلاله شيئًا والأمر بعدم الإِعطاء، فهي عن العطاء، والحديث رواه الجماعة إلا الترمذي عن علي رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقوم على بدنه وأقسم جلوده وجلاله أو أمرني أن لا أعطي الجزار منها شيئًا، وقال: نحن نعطيه من عندنا، كما قاله علي القاري.
لما فرغ من بيان حكم جلال البدن، شرع في بيان ما يتعلق بحكم المحصر، فقال: هذا