للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن الطريقة القادرية وعن رؤيا لأحد الدراويش الأتراك بالقاهرة شاعت عنه أيضا رؤية النبي (صلى الله عليه وسلم)، وقال إنه حذف من بطاقاته ما هو سر مكتوم، وغير ذلك من الإشارات التي لو حللناها تحليلا خاصا لعرفنا منها نموذجا لحالة سلوكية معينة في هذه الفترة. أما الحالة الاجتماعية فإن المرائي تضم لقطات هامة عنها لا سيما في الشرق الجزائري، وخاصة في مجتمع قسنطينة (١).

٨ - عيسى البسكري:

ودواسة الفرد والمجتمع من خلال إنتاج هؤلاء العلماء المتصوفين لا تقتصر على إنتاج الفراوسني. فهناك عيسى بن سلامة البسكري الذي كتب أيضا سنة ٨٦٠ (أي في نفس الوقت الذي كان فيه زميله الفراوسني يختم مرائيه) كتابا عن فضائل القرآن من الوجهة الصوفية سماه (اللوامع والأسرار في منافع القرآن والأخبار). والواقع أن الموضوع جليل والعنوان شيق، ولكن (اللوامع والأسرار) التي أرادها البسكري هي لوامع وأسرار من نوع خاص، وهو النوع الصوفي المختلط بالدروشة والفجاجة والسخف. فهو لا يريد أن يستوحي أسرار القرآن من إعجازه ومعانيه السامية وتشريعاته ولا يهدف إلى البحث عن لوامعه البلاغية ومراميه الإنسانية، بل هو يهدف إلى شيء آخر من القرآن، وهو الاتكاء على آياته كتمائم وأحجبة وترداد بعضها كأوراد وأذكار في مجالس الصوفية (٢). إن هذا النوع من الكتابات التي راجت خلال القرن التاسع تكشف عن مواطن الداء في المجتمع الجزائري عندئذ. فإذا كان قادة الرأي في هذا المجتمع من نمط الفراوسني والتازي والبسكري فإننا نجزم بأنه


(١) أخذنا هذه المعلومات أثناء زيارة سريعة للمغرب سنة ١٩٧٣. وكم تمنينا لو طالت الزيارة أو تكررت حتى نستطيع استخلاص ما نريده من معلومات عن المؤلف ومجتمعه من هذه المرائي.
(٢) اطلعنا من هذا الكتاب على نسخة في المكتبة الوطنية بالجزائر رقم ٨٢٨ وهناك نسخة أخرى برقم ١٧٦٧. انظر أيضا بروكلمان ٢/ ٣٥٢، ٣٥٩. وفيه أنه تارة أحمد وتارة علي بن عيسى بن سلامة البسكري. ايضا فهرس حسن حسني عبد الوهاب رقم ١٨٢٤٥ وبناء عليه فإن نسخة من (اللوامع والأسرار) توجد ضمن مجموع في المكتبة الوطنية بتونس.

<<  <  ج: ص:  >  >>