للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد لعبت الشابية دورا سياسيا في عهد الاستعمار، كما لعبته من قبل في العهد العثماني، فهي من الطرق التي تجمع بين الدين والدنيا، ويقال عنها إنها طريقة تتقرب من الحكومات وأصحاب النفوذ لكي تحافظ في الظاهر على فوائد الزيارات التي يأتي بها الأتباع، ويذكر الفرنسيون أنهم وجدوا من قادة الشابية مساعدة أثناء احتلال تونس، ولم يذكروا شيئا عن استعمالهم لنفوذها في التوسع بالجزائر أيضا، ومهما كان الأمر فقد أعانت الشابية الفرنسيين على استتباب الأمن وحتى على إرجاع المتمردين أو الهاربين منهم، فعندما حل الجنزال (فيليبير) بالجريد لأول مرة فر من أمامه أهل توزر ونواحيها، فكان ابن جدو شيخ الشابية هناك، وقد عاون على إعادتهم، وكان ابن جدو هو الواسطة بينهم وبين الفرنسيين، ثم عمل على نشر التهدئة، وقد عوضه الفرنسيون على هذه الخدمة بتعيينه (قايد بيت الشريعة) فأصبح يجمع بين القيادة الروحية والزمنية، ولعل قبول الشيخ هذه الهدية المسمومة هو الذي جعل العائلة الشابية تختلف فيما بينها، كما جعل الطريقة نفسها تضعف في أعين الناس، حتى قال الفرنسيون أنفسهم بعد احتلال تونس بحوالي خمس عشرة سنة إنها تكاد تختفي تماما، هذا في تونس، أما في الجزائر فقد لاحظ الفرنسيون أن الشابية كانت ما تزال قوية في سوف لأن أهل الوادي ما يزالون على احترامهم لأجداد الشابية (١).

[البكائية]

وأتباع البكائية في الجزائر قليلون أيضا، وشيخهم هو أحمد البكاي. ومقر الطريقة الرئيسي في تمبكتو (٢). ولكنها منتشرة في الجهات الغربية والجنوبية من الجزائر، سيما توات وكنته والقورارة ثم بلاد الطوارق، والبكائيون ينتمون إلى الفاتح عقبة بن نافع، وقد لعبوا دورا رئيسيا في


(١) ديبون وكوبولاني، مرجع سابق، ص ٤٨٣ - ٤٨٤، اعتمادا على تقرير خاص كتبه الجنرال (لاروك) عن الشابية، عن هذا الجنرال انظر لاحقا، وعن الشابية قديما انظر محمد العدواني (تاريخ العدواني). بتحقيقنا، دار الغرب الإسلامي، بيروت، ١٩٩٦، أما الشابية حديثا فانظر عنها مؤلفات علي الشابي.
(٢) أسسها الشيخ عمر بن أحمد البكاي، سنة ٩٦٠ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>