الجمهورية الثالثة انتقاما من منشئه نابليون الثالث، صاحب فكرة المملكة العربية في الجزائر، التي لم تهضمها الجمهورية ولا المستوطنون. وقد ضم طلابه إلى ليسيه الجزائر، كما ضم فرعه في قسنطينة إلى التعليم الثانوي في نفس المدينة.
أما آخر حلقات اللغة العربية فهي حلقة مدرسة الآداب العليا التي أنشئت سنة ١٨٨٠، وهي المدرسة التي سيلعب فيها كل من هوداس، وماسكري، ورينيه باصيه، دورا هاما. وهي المعنية بتعبيرنا (مدرسة الجزائر) الاستشراقية التي كانت تقدم للإدارة الاستعمارية كل التسهيلات العلمية في مختلف المجالات.
[مدرسة الآداب]
مدرسة الجزائر هنا هي مدرسة الآداب العليا (كلية فيما بعد) وهي أيضا مدرسة الاستشراق الفرنسي في الجزائر، بعد انطلاقته الجديدة التي أشرنا إليها في بداية الفصل. افتتحت، إلى جانب مدرسة العلوم والحقوق والطب، سنة ١٨٨٠ (١). وتعاونت المدارس الأربع على دفع الاستشراق في خدمة الإدارة الاستعمارية، كل في مجال اختصاصه، وأبرزها في موضوعنا هي مدرسة الآداب. ولكن مدرسة الحقوق أيضا قدمت خدمة كبيرة للإدارة والاستشراق بالوقوف على النصوص الفقهية والتشريعات الاسلامية، وكان أساتذتها يتعاونون مع زملائهم الآخرين في الترجمة والنشر، وكانوا يخدمون بالخصوص جانب القضاء الفرنسي الذي استولى بالتدرج على صلاحيات القضاء الاسلامي، ومن أشهرهم زيس ومارسيل موران. وقد ظهر في مدرسة الطب مستشرقون اهتموا أيضا بالتراجم والنصوص العربية أمثال غبريال كولان. ونفس الشيء يقال عن مدرسة العلوم.
(١) مدرسة الطب قديمة تعود إلى ١٨٥٧. انظر فصل التعليم الفرنسي والمزدوج، وكذلك فصل العلوم.