ذلك أيضا نقل قضاة الجهة الغربية، سيما معسكر وغريس وما جاورهما إلى الجهة الشرقية - قسنطينة، سطيف، تبسة، الخ .. ويحضرنا في ذلك الآن عائلة أبي طالب أبناء عم الأمير عبد القادر، وقد أصبح بعض هؤلاء أيضا من نوع محمد الشاذلي في تملق الفرنسيين، خصوصا القاضي أبا بكر بن أبي طالب، صاحب كتاب (نزهة الأفكار).
ومن القضايا العامة حول القضاة أيضا صلتهم بالطرق الصوفية المعاصرة، إن الانتماء للطرق الصوفية من قبل العلماء والقضاة لم يكن دائما من أجل حب الشيخ وخضوعا لبركته، ولكنه كان حماية للنفس عند الحاجة ودفعا للعزلة عند الخطر، وقد وجدنا ذلك شائعا لدى رجال السلك الديني والتعليمي من أئمة ومفتين ومدرسين، وحتى بين رجال القضاء والسلطة الإدارية، كالقياد والأغوات، وكانت الطرق الصوفية عندئذ كالأحزاب السياسية اليوم، لها وسائل إعلامها ودعايتها، ولها محاموها، ولكن ليس بنفس الحداثة الموجودة اليوم، ومعظم الطرق كانت لها خيوط مع السلطة الفرنسية أيضا، وسنذكر أن بعض القضاة كانوا موالين للحنصالية أو التجانية أو لغيرها تمشيا مع الفكرة المذكورة، كما نلاحظ أن عددا من القضاة جعلوا مهنتم وراثية في أولادهم وأحفادهم، كما كان الحال في عهد العثمانيين.
[نماذج من القضاة]
ولنتحدث عن نماذج من هؤلاء القضاة باختصار، مكتفين في الترجمة الطويلة لاثنين منهم (١):
١ - أحمد المجاهد بن محمد عبد القادر بو طالب: كان من القضاة الذين عاشوا في الجزائر والمغرب الأقصى وتونس والمشرق، ولهم صلات قربى بعائلة الأمير عبد القادر، ونشأوا في نواحي معسكر، ولكنهم عملوا في شرق الجزائر، وتركوا أولادا تولوا أيضا القضاء، كما كانوا على صلة بالطرق
(١) سنخص بالترجمة الطويلة الشيخين حسن بريهمات وشعيب بن علي.