اختار حركة الإخوان المسلمين والهروب إلى مصر سنة ١٩٣٨، ربما هروبا من الخدمة العسكرية. إننا نكثر من التساؤلات هنا لعلنا نلفت النظر إلى أن جوانب أخرى من حياة جلواح ما تزال غامضة وأن أخباره قد تكون عند ذلك الجيل من زعماء المغرب العربي الذين كانوا ما يزالون طلابا.
وهكذا يكون الشعر الذاتي قد خسر في جلواح رائدا كبيرا لأنه كان شاذا وسط الشعراء ونشازا في منظومة الإصلاح، وغريبا في بلاد مستعمرة، وكان عليه أن يتأقلم مع كل ذلك أو يموت.
[الشعر التمثيلي والأناشيد]
ونقصد به الشعر الذي يلقى أو يغنى على المسرح، ويدخل في ذلك الأناشيد المدرسية باعتبارها كانت تمثيلية أيضا. ولم يكن هذا الفن شائعا في الشعر العربي، واعتبره بعض النقاد فنا حديثا ومن التأثيرات الأوروبية. ومهما كان الأمر فإن الشعر التمثيلي قديم عندنا، على الأقل في العهد الذي ندرسه، فقد كانت الحلقات الأدبية تنعقد في أماكن معينة من المدن، ويلقى خلالها الشعراء أنفسهم أو من ينقل عنهم القطع والموشحات. ولكن ليس في شكل أدوار وتوزيعات كما حدث في وقت لاحق. كما أن المداحين وأعوانهم كانوا يتقاسمون الأدوار ويستعملون الآلات الموسيقية وينشدون الشعر. غير أن ذلك كان في معظم الأحيان شعرا شعبيا أو ملحونا.
وتذكر المصادر الفرنسية أن محمد بن علي الجباري قد نظم في آخر القرن الماضي مجموعة شعرية ساخرة جعل موضوعها حياة الطلبة (المتعلمين عندئذ)، وقام هو شخصيا بتمثيل هذا الشعر على المسرح. وهناك عدة شخصيات شملها الشعر الذي اختار له العنوان التالي (مغامرات طالبين عربيين في القرية الزنجية بوهران). ونحن نرجح أن يكون هذا الشعر غير فصيح، ولكن قدرة الجباري على اللغة (وقد كان قاضيا) قد تجعله ينظمه