والركيبي من أبرز من اهتم بالقصة القصيرة، تاريخا ودراسة ونقدا أيضا. فقد جعلها موضوع رسالته للماجستير، وتناولها في مقالات ومداخلات في مناسبات مختلفة، وظل يتابعها في محاضراته ودراساته النقدية حتى بعد أن مال عنها إلى التخصص فى الشعر الدينى، ومن رأيه أن هناك مراحل مرت بها القصة الجزائرية بالعربية قبل أن تنضج وتستقر، فهي مثل كل فن جديد عرفت تطورا قادها من المقالة إلى الصورة إلى القصة الكاملة، ثم من القصة الرومانسية إلى القصة الاجتماعية والثورية أو الواقعية.
ومن رأيه أيضا أن التيار الواقعي في القصة ظهر في عهد الثورة سواء كانت مكتوبة بالعربية أو بالفرنسية، غير أنها لم تتخلص نهائيا من الرومانسية حتى في العهد الأخير، والفرق في نظره بين القصة العربية والفرنسية يكمن في الشكل فقط، والمقصود بالشكل هنا هو اللغة المكتوبة التي كتبت بها القصة، أما المحتوى فهو واحد تقريبا، فالجميع يخاطبون الاستعمار، ويصورون آمال الشعب، ولعل الفرق أن القصة بالفرنسية توجه خطابها إلى الفرنسيين وإلى الخارج بينما تتحدث القصة بالعربية إلى القارى الجزائري والعربي على العموم، وقد حلل الركيبي مجموعة من الأعمال التي كتبها جيله في ميدان القصة وعبروا بها عن التيار الواقعي، كالجنيدي خليفة، وأبو العيد دودو، والطاهر وطار، وعبد الحميد بن هدوقة (١).
وهذا التحليل لبدايات القصة وممثليها ومحتواها يظهر أكثر عند الركيبي في الدراسة التي خص بها مؤتمر كتاب المغرب العربي الذي انعقد في طرابلس (ليبيا) في مارس سنة ١٩٦٩، وهي الدراسة التي نشرها في مجلة (القبس)
(١) الركيبي: القصة القصيرة في الأدب الجزائري المعاصر، دار الكتاب العربي، القاهرة، ١٩٦٩، كتبنا عن هذه الدراسة في المجاهد الثقافي، عدد ٥، ثم نشرنا ما كتبناه في (تجارب في الأدب والرحلة)، الجزائر، ط، ٢، ٢٠٠٥، ص ١٢٧ - ١٢٨.