للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القماري اللذان سنتعرض لهما. أما مدرسة مازونة فقد كانت على درجة كبيرة من الأهمية في النواحي الغربية من البلاد، وكان لها نظام راسخ وتقاليد متينة استمدتها من صلتها بالتعليم في تلمسان والأندلس والمغرب الأقصى. وهي أيضا من أقدم المدارس التي أسست في العهد العثماني. وقد اشتهرت بالخصوص في الفقه والحديث وعلم الكلام. واستمرت المدرسة تشع بالمعرفة حتى بعد انتقال العاصمة الإقليمية من مازونة إلى معسكر ثم إلى وهران. وكانت مقصد طلاب النواحي الغربية، ولا سيما ندرومة ومستغانم وتنس وتلمسان ووهران. ومن أبرز خريجيها أبو راس الناصر الذي تحدث عن شيوخه فيها في رحلته (فتح الإله) (١).

[المكتبات]

إذا حكمنا على النشاط الثقافي لأي بلد من كثرة الكتب والمكتبات التي فيه فإن الجزائر خلال العهد العثماني كانت في طليعة البلدان الكثيرة الكتب والمكتبات. وقد شهد على وفرة المكتبات فيها حتى خصوم العثمانيين، كالفرنسيين، الذين حكموا بأن العثمانيين لم يقدموا أي عمل لتنشيط الحياة الروحية والفكرية في الجزائر. وكانت الكتب في الجزائر تنتج محليا عن طريق التأليف والنسخ أو تجلب من الخارج ولا سيما من الأندلس ومصر وإسطانبول والحجاز. وكان هناك رصيد كبير من المكتبات قبل مجيء العثمانيين. فقد كانت تلمسان، كما سبق، عاصمة علمية مزدهرة بلغت فيها صناعة الكتاب، تأليفا ونسخا وجمعا، درجة عالية. وكذلك كانت بجاية وقسنطينة، بل إن إحدى الزوايا في مدينة وهران خلال القرن التاسع (١٥ م) كانت تضم مجموعة من الكتب العلمية والآلات الجهادية، أي أنها كانت


(١) أبو راس (فتح الإله ومنته في التحدث بفضل ربي ونعمته) مخطوطة، الخزانة العامة بالرباط رقم ٢٢٦٣، ٢٣٣٢ وهي الآن مطبوعة. وقد وصف المستشرق الفرنسي جاك بيرك مدرسة مازونة في (أنال) ١٩٧٢، اعتمادا على معلومات استقاها من الشيخ المهدي البوعبدلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>