وكل العرب في الفروق بين العرب والقبائل، واختفى أو كاد الحديث عن البربر الآخرين.
[التآمر على زواوة]
بعد أن كان اهتمام الدارسين الفرنسيين وأصحاب نظرية الفروق بين السكان منصبا على البربر والعرب، أصبح بالتدرج منصبا، ولا سيما منذ العشرية الأخيرة من القرن الماضي على سكان زواوة وحدهم. وهذا الاهتمام اتخذ ألوانا عديدة: فمن حيث التعليم بدأ الفرنسيون في تأسيس المدارس الأهلية في بعض البلديات الزواوية وإجبارية التعليم فيها خلافا لما فعلوه في المناطق الأخرى. ومن حيث النشاط الديني - الكنسي، شجعت السلطات الفرنسية الآباء البيض على غرس مدارسهم وعياداتهم وملاجئهم في زواوة قبل غرس كنائسهم، نظرا للمقاومة الشديدة التي أبداها الزواويون ضد النشاط التنصيري. ومن حيث اللغة أنشأ الفرنسيون كرسيا للغة البربرية في مدرسة اللغات الشرقية بباريس، كما أنشأوا فرعا للغة القبائلية فقط في مدرسة الجزائر. ومن جهة أخرى كان النظام القضائي يختلف في زواوة عنه في المناطق الأخرى، فقد أصبح الاحتكام في زواوة للعرف والقانون الفرنسي، وليس للشريعة الإسلامية. ورغم مطالبة الزواويين بتطبيق الشريعة على غرار ما كان جاريا في المناطق الأخرى، فإن السلطات الفرنسية رفضت الاستجابة لهم، كما فرضت على قضاة المنطقة تحرير أحكامهم باللغة الفرنسية فقط خلافا للقضاة في المناطق الأخرى حيث كانوا يحررون الأحكام بالعربية. وبالنسبة للتمثيل النيابي فقد أسس الفرنسيون (قسما قبائليا) في مجلس الوفود المالية، وذلك بإصرار من
= وشمال إفريقية S.G.A.A.N، ١٩٢١، ص ١٢٩ - ١٧٤. وأيضا بحث آخر له عن (سلالات وعادات إفريقية الشمالية)، في نفس المصدر، ١٩٢٤، ص ٣٨٣ - ٣٩٣. وقد رجع الشيخ محمد مبارك الميلي الهلالي إلى كتابات بيروني، في كتابه (تاريخ الجزائر في القديم والحديث). انظر عنه فصل التاريخ والتراجم والرحلات.