بالجواهر الحسان في تفسير القرآن .. عجائب وأمورا مباركة لا يمكنني الآن استيفاء جمعها وبعضها (كذا)، وأخشى أن يكون من باب إفشا (كذا) أسرار الله التي لا يمكن ذكرها إلا بإذن من أهلها، أهل الذوق).
٤ - وقد تناولنا في بداية هذا الفصل تطور الدراسات الفقهية بعد دولة الموحدين وعرفنا أن الاهتمام أصبح منصبا على الفروع بدل الأصول. وأشرنا إلى أن هذا الاهتمام بالفرع قد تسبب أولا في ضعف الدراسات العقلية عامة والعناية بالكليات، وتسبب ثانيا، في ابتعاد الدراسين عن الفقه أصلا والدخول في حظيرة التصوف والزهد. ومعظم العلماء المؤلفين في القرن التاسع تركوا مؤلفات في الفقه وفروعه، شرحا وحاشية وتقييدا. وليس من غرضنا سرد هذه الآثار التي تذكر عادة في ترجمة كل عالم، مثل ابن القنفذ والمغيلي والسنوسي. ومن الكتب التي سارت في ركب الفروع الفقهية كتب النوازل. وقد اشتهر في القرن التاسع مؤلفان في هذا الباب أحدهما يحيى المازوني والثاني أحمد الونشريسي الذي أدرك أيضا القرن العاشر.
ونود أن نخصص مساحة واسعة من هذا الفصل لأحمد الونشريسي لأنه يعتبر قمة في ميدان الفروع الفقية ولأنه عاش أيضا في القرن العاشر الذي نحن بصدد التركيز عليه. فهو، من هذه الناحية، يشكل الجسر الذي عبرت به هذه الدراسات إلى العهد الثاني. ذلك أن كتابه (المعيار) بما احتوى عليه من فتاوي أهل الأندلس والمغرب وتونس والجزائر يعتبر موسوعة حية للفقه المالكي في المغرب العربي.
[أحمد الونشريسي]
ولعله ليس من قبيل الصدف أن يموت الونشريسي في نفس السنة التي استولى فيها الإسبان على وهران (١). وقد توفي عن ثمانين سنة مهاجرا في مدينة فاس فارا من سلطان تلمسان، كما عرفنا، وكان الونشريسي موضوع