للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النموذج في الواقع نجده عند محمد بن علي الخروبي الطرابلسي.

٢ - محمد بن علي الخروبي:

نسب الخروبي إلى صفاقس وطرابلس والجزائر. كما عرف عنه أنه كان صاحب حظوة عند العثمانيين. ولعله زار أو تربى في إسطانبول قبل قدومه إلى الجزائر. وكان قد تشبع بالروح الصوفية السائدة عندئذ في المشرق من شاذلية وقادرية وبكداشية وغيرها. وقد قيل إنه أخذ العلم عن علماء مشارقة ومغاربه. ومن هؤلاء أحمد زروق دفين مصراته ومحمد بن عبد الله الزيتوني ومحمد بن مرزوق، وتلاميذ عبد الرحمن الثعالبي ومحمد بن يوسف السنوسي. وجميعهم يمثلون أقطالب حركة التصوف في المغرب العربي.

وليس من المعروف أين ولا متى ولد الخروبي ولكن نسبته إلى صفاق وإلى طرابلس قد تكون فيها إشارة إلى موطنه الأصلي. أما وفاته فقد كانت سنة ٩٦٣ بالجزائر. وقد خدم الخروبي الوجود العثماني في المغرب العربي، وخصوصا في الجزائر خدمة جليلة بقلمه ودرسه وطريقته الصوفية. فبالإضافة إلى نشاطه الديني والمذهبي في الجزائر لصالحهم قام بعدة سفارات إلى المغرب كما أشرنا. وهناك وجد استقبالا حسنا من الولاة والعلماء على حد سواء (١). فقد زار فاس ومراكش وغيرهما وأخذ عليه علماء المغرب أيضا. وكان فصيح اللسان وجريئا. وقد تولى الخطابة في أحد مساجد الجزائر. كما عرف عنه أنه كان جماعا للكتب، وقد قيل إنه ترك خزانة كتب ضخمة في مراكش.

ويبدو أن الخروبي قد خصص جهده للتأليف والدعاية لصالح الطريقة الشاذلية والدفاع عنها. ورغم تصوف الخروبي وصلاحه فقد كان، مثل معاصره أحمد الملياني وأضرابه، لا يستنكف من خدمة السلطان وقبول الهدايا والعيش عيشة رغدة. وركز الخروبي في تآليفه على الأوراد والأذكار


(١) رغم ذلك لم يعد من المغرب بطائل كما يقول الناصري، (الاستقصا) ٥/ ٢٧، أي أنه لم ينجح في سفارته. وقد ذهب الخروبي إلى المغرب في شأن الحدود بين البلدين بعد أن هاجم السلطان محمد الشيخ تلمسان.

<<  <  ج: ص:  >  >>