للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيما بعد وفاة الشيخ محمد الموسوم (١٨٨٣). فقد كان فرع قصر البخاري وفرع غريب وفرع أندات وفرع عنابة الذي كان يشرف عليه بلقاسم بوقشبية، تتنافس فيما بينها ولا تعترف بشيخ واحد لها.

[الطرق الصوفية والمقاومة الشعبية]

كان طبيعيا أن يتنادى الجزائريون من أجل المقاومة لمواجهة الاحتلال الفرنسي، وقد عقدوا لذلك عدة مؤتمرات تدل على التجاوب الوطني وروح المسؤولية الدينية والسياسية، من ذلك اجتماع البرج البحري ١٨٣١، واجتماع متيجة ١٨٣٢، وبوخرشفة ١٨٣٣ و ١٨٣٩، هكذا استمرت الاجتماعات التي كانت عبارة عن مؤتمرات شعبية - وطنية لدراسة مستقبل البلاد والإجراءات اللازمة لمواجهة الخطر الأجنبي، ثم هناك الاجتماعات الإقليمية كالذي عقده الحاج أحمد باي قسنطينة إثر رجوعه من العاصمة بعد سقوطها، وقد أعلن مع كبار رجال دولته على العفو العام وإسقاط الضرائب الإضافية وإجراءات أخرى تساعد على الوحدة والتضامن من أجل القضية المشتركة، ولعل أكبر تجمع وطني ديني على مستوى إسلامي هو مبايعة الحاج عبد القادر بن محيي الدين أميرا للمؤمنين في معسكر سنة ١٨٣٢، وهي المبايعة التي رجعت بالأذهان إلى طريقة السلف من الخلفاء الراشدين (١). وعلى أثر المبايعة أصدر الأمير تعليماته بوجوب الطاعة، وتعهد بإجراء العدل على سنة الله ورسوله، واحترام الشريعة والعمل على طرد العدو، ثم أعلن الجهاد في سبيل الله والوطن، والجهاد قد دعا إليه أيضا الداي حسين وغيره ممن كانوا يعملون على تحرير الجزائر من الاحتلال، ولكن مبايعة الأمير قد نظر إليها عندئذ على أنها صادرة من طريقة صوفية هي القادرية، وإذا كان الحاج أحمد قد استعمل الجهاد أيضا مثل الداي حسين.


(١) انظر ذلك في (تحفة الزائر) للأمير محمد، ط ١٠، الإسكندرية، ١٩٠٣، ص ٩٦، وكذلك شارل هنري تشرشل (حياة الأمير عبد القادر). ترجمة أبو القاسم سعد الله، ط، ٢، الجزائر، ١٩٨٢، ص ٦٩،

<<  <  ج: ص:  >  >>