وفي ذلك درس عظيم لمن كان يريد استعمال ورقة الأمير عبد القادر عندئذ ودرس عظيم آخر لمن نقلوا رفاته سنة ١٩٦٦) (١).
أبناء الأمير عبد القادر.
ترك الأمير عبد القادر عشرة أبناء، دون البنات. وكانوا، كما رأينا، من أمهات مختلفات. وقد ذكرت بعض المصادر أن ابنه البكر، محيي الدين، قد توفي سنة ١٨٣٧. ومن العشرة الذين عاشوا بعده من اشتهر في التأليف أو في السياسة، أو في الشؤون العسكرية، ولكن منهم من لا نعرف عنه إلا القليل مثل عبد الله وعبد الرزاق وأحمد. أما من حيث التبعية الدولية فإن موت الأمير عبد القادر قد جعل أبناءه ينقسمون قسمين على الأقل: قسم انحاز إلى الدولة العثمانية، وقسم انحاز إلى الدولة الفرنسية. ومن الصعب عليهم عندئذ أن لا يختاروا هذه أو تلك وأن يقفوا موقف الحياد الممكن كما فعل الأمير نفسه، خصوصا بعد ١٨٧٠.
والمعروف أن الذين ارتبطوا بالدولة العثمانية هم محمد ومحيي الدين وعلي. وقد عرف عن عمر وأحمد وعبد الرزاق أنهم بقوا على علاقتهم بفرنسا. أما الهاشمي فقد سمحت له السلطات الفرنسية في الجزائر بالرجوع والإقامة في بوسعادة مع أبنائه. ولعلهم سمحوا له بالرجوع لأنه كان فاقد البصر. أما عبد المالك فقد انضم أولا إلى الفرنسيين، ثم حاربهم. ولا ندري الآن انتماء عبد الله.
والأبناء الذين والوا الدولة العثمانية اشتهروا في العالم الإسلامي أكثر من بقية إخوتهم. فقد كان الأمير محمد، باعتباره أكبر الأخوة، هو المتحدث باسمهم ورئيس العائلة. وهو الذي كتب سيرة والده وضمنها تاريخ الجزائر إلى ١٨٥٢، أي إلى تسريح الأمير من السجن الفرنسي. وسندرس كتابه في
(١) بمناسبة الذكرى المئوية لوفاة الأمير نشرت بيبلوغرافية بما ألف حوله، وهناك مؤلفات عديدة لم تشملها البيلوغرافية، وبلغات كثيرة. ونشير إلى أن مؤلفي سورية قد أوردوا عنه فى تراجم العلماء والأعيان أخبارا هامة تكمل (تحفة الزائر).