قبل الثورة كانت الكشافة الإسلامية نشطة ولها انتشار واسع فيما يبدو، وكانت تمثل توجها وطنيا تعبر عنه في بياناتها وآراء قادتها والأناشيد التي كانت تلقنها لأعضائها، وقد وجدنا اهتماما بها من قبل الصحافة الوطنية مثل البصائر والمنار اللتين كانتا تنقلان أخبار الكشافة بتعاطف واضح، بما في ذلك نشر البيانات وأسماء الأفواج والقادة، وابتداء من سنة ١٩٤٨ أصبح هناك جناحان للكشافة وهما الكشافة الإسلامية الجزائرية الوفية لمبادى مؤسسها بوراس، والأخرى شبيبة الكشافة الإسلامية الجزائرية التي انطلقت منذ السنة المذكورة والتي يبدو أنها ذات ميول سياسية معاصرة.
تاريخيا، ينسب تأسيس الكشافة الإسلامية إلى محمد بوراس الذي قيل عنه إنه كان يخطط لاتخاذ الكشافة وسيلة لعمل عسكري سياسي ضد الاحتلال الفرنسي، وقد انتهى به الأمر إلى الحكم عليه بالإعدام سنة ١٩٤١، ولد بوراس بمليانة في ١٩٠٨، ولا نعرف الكثير عن تعلمه وأولياته، ولا كيف انتقل إلى العاصمة وسكن ضاحية (بولوغين)، ولكننا نعرف أنه اشتغل ضاربا على الآلة الكاتبة، وأنه كان متزوجا وله أولاد، اتهمه الفرنسيون بالاتصال مع الألمان أثناء الحرب العالمية والمساس بأمن الدولة رغم أن فرنسا ساعة محاكمته وإعدامه كانت تحت حكم فيشي، أي تحت الاحتلال الألماني، ولكن الجزائر عندئذ كانت تعيش وضعا خاصا، وكانت محاكمة بوراس سرية، كما بقي تنفيذ الحكم فيه سرا أيضا مدة طويلة، وقد حوكم معه آخرون، منهم محمد بوشارب من مليانة أيضا ومحمد محمودي (المدية) وأحمد فكراش (بني راتن)، وكانت المحكمة عسكرية برئاسة العقيد (دوماسيل) وبحضور المكلف بالشرطة
(١) الأرشيف الوطني، علبة ٣١، تقرير مرقون من ثلاث صفحات بعنوان دراسة عن مستوى الحياة في الجزائر سنة ١٩٥٤.