نتناول في هذا الفصل حالة الشعر في العهد العثماني وأغراضه، وقد وجدنا، بعد دراسة مستفيضة، أن الشعر كان نسبيا مزدهرا وأن أغراضه قد تعددت حسب بواعثه، وهي الدين والسياسة والاجتماعيات والذات، وسنحاول هنا أن نتعرف أيضا على الشعر المسمى بالملحون أو العامي والظروف التي أدت إلى استعماله وانتشاره حتى قال بعضهم أنه أصبح لسان كثير من الناس، كما سنترجم للمفتي الشاعر ابن علي الذي كان أبرز شعراء عصره.
[مدخل]
وقبل كل شيء نذكر أن دواوين الشعراء الجزائريين ما تزال في طي الكتمان، ولا نعرف أن واحدا منها، مما يعود إلى العهد العثماني، قد جمع وحقق، وما نشر عن المنداسي في هذا الصدد لا ينقض هذا الرأي، فدواوين المنداسي وابن علي وابن عمار والمقري والمانجلاتي وابن سحنون وابن الشاهد وأضرابهم لم تنشر أو تعرف بعد. وكل ما نعرفه عن هذا الشاعر أو ذاك هو بعض الأبيات أو القصائد المثبتة عرضا في أحد المصادر التاريخية أو الفقهية أو المتفرقة في الوثائق العامة، ولعل هذه الظاهرة، ظاهرة الإهمال للشعر وأهله، تؤكد ما ذهب إليه ابن خلدون من أن أهل المغرب العربي قد أضاعوا رواية أشعارهم وأخبارهم فأضاعوا أنسابهم وأحسابهم، ومن العجيب أن هذا الرأي كان حافزا لعدد من الشعراء والكتاب على تدوين الشعر، وسمن هؤلاء أحمد بن سحنون في (الأزهار الشقيقة)، وأبو راس الناصر في (الدرة