للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لدورها في التاريخ. ولكن ذلك تصادف مع حاجة الاحتلال إلى الزوايا وشيوخها ضد رجال السيف والخيام (العائلات الكبيرة). ومن ثمة وقع نوع من التقارب المؤقت بين شيوخ الزوايا والسلطات إلى نهاية الثمانينات تقريبا (١).

وهناك ملاحظة أخرى نذكرها بخصوص الزوايا خارج المدن، وهي أنها بقيت (مستقلة) بمرابطيها وورثة صلحائها إلى ما بعد ١٨٧٠. فبعد هذا التاريخ بدا للفرنسيين أن الزمن قد حان لتشجيع الزواي على حساب الأجواد أو رجال السيف والبارود أو الاعتماد على المرابطين بدل أهل السلطة. ولذلك أخذ الفرنسيون يتغاضون عن انتشار الزوايا والتكثير منها، كما لاحظنا في الطرق الصوفية، ولكن الموقف المالي منها بقي هو هو لم يتغير. فقد استولى الفرنسيون على أوقاف هذه الزوايا، وأبقوا مع ذلك على حق الزيارات بشرط الولاء لفرنسا وتقديم الخدمات لها عند الثورات.

[الأضرحة في إقليم الوسط]

وإذا رجعنا إلى الحديث عن القباب أو الأضرحة فإننا هنا أمام عدد هائل منها، سواء في مدينة الجزائر أو غيرها. فعبارة (قبة سيدي فلان) أو (ضريح الباشا فلان) كثيرة في الجزائر عموما، وفي العاصمة على الخصوص. كما أن المقابر أو الجبانات متعددة، سواء تلك التي كانت تتخذ طابعا عاما أو تلك الداخلة في أرض تابعة لولي من الأولياء.

وليس من غرضنا هنا أن نأتي على قائمة طويلة من القباب، ولكن غرضنا يتمثل في شيئين: كون هذه البنايات ذات طابع ديني وعمراني - حضاري، وكون أوقافها اغتصبتها السلطة الفرنسية، وهي من أموال وأملاك


(١) انظر فصل الطرق الصوفية. وكان في مليانة عدد من الزوايا، مثل زاوية سيدي أحمد بن يوسف، وزاوية القلعي وزاوية سيدي محمد، وزاوية ابن قاسم. ولا نعرف الآن مصيرها تحت الاحتلال. ولكن الزاوية الأولى ظلت تعمل رغم أنها فقدت أهميتها لارتباط أهلها بالعهد العثماني وفقدانها للأوقاف.

<<  <  ج: ص:  >  >>