حوله، وهي جميعا مورد الرزق للوكيل. وقد ضرب السيد أوميرا المثل بجامع السيدة الذي لم يسقط وحده بل سقطت معه الزاوية التابعة له والمنازل المجاورة. ولاحظ هذا الكاتب أن كثيرا من الوكلاء قد اختفوا بعد قرار ١٨٤٨ (١).
إن الاستيلاء على أوقاف المساجد ونحوها، بعد مصادرة الأوقاف العمومية الأخرى، مثل مكة والمدينة، لا يعني فقط ضربة قاضية للمعالم الإسلامية والتعليم والمساعدات الاجتماعية، ولكنه كان أيضا ضربة مؤلمة للمجتمع كله، إذ كان ذلك يعني حرمانه من موارد كان يعيش عليها آلاف المسلمين في الجزائر وخارجها. وسنرى قرار سنة ١٨٥٧ ينطلق في تبريراته من هذا الوضع الذي أصبح عليه المجتمع الإسلامي في الجزائر بعد أن فقد أملاكه وصنائعه ومنازله وأوقافه لصالح الدولة الفرنسية من جهة، والمستوطنين الأجانب من جهة أخرى.
[نماذج من أموال الوقف والإحصاءات]
لكن قبل ذلك سنتحدث عن ثلاث نقاط، الأولى نماذج من مداخيل ومصاريف الأوقاف، والثانية التنظيم الإداري الفرنسي للمساعدات الخيرية قبل ١٨٥٧، ثم ذكر بعض الإحصاءات.
لقد تعرضنا فيما مضى إلى مداخيل بعض الأوقاف العامة، مثل مكة والمدينة وبيت المال وسبل الخيرات، ونشير هنا إلى أن مصاريف الأوقاف قد أصبحت قليلة جدا في العهد الفرنسي لأن البنايات قد تهدمت أو حولت إلى مصالح أخرى، كما لاحظنا. وكذلك الأمر بالنسبة للأوقاف الخاصة قبل
(١) أوميرا، (المكتب الخيري ...)، ١٨٦، ١٩٠. رأينا سابقا شكوى وكيل ضريح الشيخ الثعالبي (انظر ابن سديرة، كتاب الرسائل)، ٢٨٣. وسنرى في فصل آخر شكاوى العلماء والقضاة والوكلاء من حالة الفقر التي أصبحوا عليها. وقد أثر كل ذلك على حالة التعليم أيضا.