المشتركة التي تتضح في مختلف الحضارات مهما تباعدت في الزمان أو المكان، وفي نظره أن الاكتشافات الأثرية المتأخرة تؤكد الرأي القائل بعدم استقلالية كل الحضارة عن الأخرى.
وتعرض ابن الحفاف أيضا إلى أصول مكان شمال إفريقيا وهي المسألة الشائكة التي لم يبت فيها، في نظره، (أكثرية المؤرخين)، وقد انتهى حولها إلى الرأي القائل بأن سكان شمال إفريقيا عرب قدموا من المشرق في إحدى موجات الهجرات القديمة، ووافقه على ذلك الناقد مولود الطياب، لكنه اختلف معه في الاعتماد على دليل اللغة وحدها بالنسبة إلى أهل شمال إفريقيا، والدليل على ذلك أن بعض اللهجات، كالقبائلية (حدث عليها من التطورات ما جعل الكثير من مصادرها عربية)(١).
ولو بحثنا في آثار عبد الرحمن بن الحفاف لوجدنا ربما تراثا هاما ومعلومات مكتوبة تفيد هذا البحث وأمثاله في مرحلة الثورة، فالرجل كان متقدما في السن عندما طبع كتابه أصول الحضارة (١٩٥٥)، وقد عاش حوالي سنتين فقط بعد ذلك، وتناولت البصائر وغيرها هذا الكتاب وأشاد الكتاب بصاحبه على أنه كان يحمل رسالة وفكرة إلى قرائه في وقت اشتدت فيه قوة الاستعمار واختلطت مفاهيم الحضارات ونكران حق الشعوب الأخرى في التقدم والازدهار، ومن الملفت للنظر أن كتب ابن الحفاف المذكورة قد نشرت في العقد الأخير من حياته، لماذا؟ وهل له كتب أخرى مخطوطة؟
[من وحي الثورة الجزائرية]
الجنيدي خليفة من جيل الثورة، تولى مسؤوليات على المستوى الطلابي في تونس والقاهرة خلال الخمسينات، وكان عندئذ طالبا في الفلسفة بجامعة القاهرة، وقد عرفناه في جامع الزيتونة فكان كثير المطالعة متحرر الفكر غير ملتزم بما تقدمه البرامج الزيتونية من معارف في التوجه والمعلومات، وهو من