نعالج في هذا الفصل الشعر الفصيح والزجل (الملحون) خلال أكثر من قرن، أي من ١٨٣٠ إلى عشية ثورة نوفمبر ١٩٥٤. والشعر الفصيح ليس كله فصيحا حقا، فسيكون فيه القوي والضعيف والجميل والتافه. ولكن المصطلح سيحترم. فالفصيح هنا هو الذي سار على قواعد اللغة وطبق مبادئ العروض. أما الزجل فهو ذلك الذي خرج عن هذه القواعد والمبادئ وعبر بالدارجة وتوجه عادة إلى العامة. وسيتضمن الزجل أيضا بعض الأشعار البربرية التي عثرنا عليها، وقد كان شعراء البربرية متعلمين أو غير متعلمين، متأثرين بأصول العروض العربية. أما الشعراء الجزائريون بالفرنسية فسنشير إليهم إذا وجدوا، لنعلم فقط إلى مدى وقع التأثير اللغوي والأجنبي عليهم. ولكننا لن نتناول هنا الشعراء الفرنسيين الذين عاشوا في الجزائر أو زاروها.
الأغراض التي تناولها الشعراء كثيرة، وتكاد تكون هي أغراض الشعر العربي المعهودة. فنحن سنلاحظ أن شعر الفخر والهجاء ما يزال يواصل مسيرته. أما الرثاء والمدح والغزل والتوسل فهو ملح الطعام في كل العصور. وسنجد الوصف قد أخذ حظا وافرا في هذا الشعر. وهناك ميدان خب فيه الشعراء، كل على حسب جهده، وهو الشعر الوطني والاستنهاض، والشعر القومي والإسلامي. وقد ارتبط بذلك ظهور الشعر الإصلاحي - الاجتماعي. فبدل الغوثيات والتوسلات ومدح شيوخ الزوايا جاء شعر التحرر من البدع والخرافات والدعوة إلى الإسلام الصحيح والتضامن. وقد كان شعر الغزل من ضحايا هذا الاتجاه، فقد أصبح ينظر إليه على أنه شعر العبث واللهو، وذلك غير مقبول في وقت كانت البلاد في معاناة وشدة. فكان على الشعراء أن