عندما صدر هذا الكتاب اعتبر وثيقة دامغة ضد الاستعمار، ووثيقة أخرى تكشف عن تطور المجتمع الجزائري بسبب الثورة، ووثيقة ثالثة لتحرير الإنسان المضطهد حيثما كان، وقد كشف فيه فانون عن أوجه العلاقة المستورة التي كانت بين المستعمر والمستعمر، فتخاطفه الناس وترجموه إلى عدد من اللغات وحللوا آراء صاحبه وصوبه البعض وخطأه آخرون، ودون أن نرجع إلى ما قاله هؤلاء أو أولئك دعنا نذكر ما قالته جريدة (المجاهد) التي كانت سباقة إلى تبني آراء فانون ونقلها إلى قرائها.
تعرض كما قلنا، لما طرأ على المجتمع الجزائري من تطور بعد الثورة مثل علاقة الابن بالأب، وفي هذا المقال عناوين اهتمت جريدة المجاهد بإبرازها مثل: التناقضات التي نشأت داخل الأسرة وداخل الأمة في نظر فانون الذي جاء على لسانه ذات مرة: هذا أول نوفمبر ١٩٥٤ وعليك أن تختار ... أما عنوان مقال المجاهد كله فهو:(الأسرة الجزائرية في الثورة)(١).
وفي المقال الثاني حللت المجاهد مسألة المرأة في الكتاب: كيف تطورت نتيجة للثورة، لقد كانت البنت، في نظر فانون، دائما خلف الابن، مثل كل المجتمعات التي تقوم على خدمة الأرض بحيث يصبح ميلاد الولد عندها أكثر احتفاء من ميلاد البنت، ذلك أن الأب يرى الطفل رفيقا له في خدمة الأرض وخليفة له بعد وفاته، فالولد هو الذي يصبح الحامي أو الولي على أمه وعلى إخوته، أما البنت فتبقى ثانوية لأخيها، ومن محتويات هذا المقال: الثورة تحرر المرأة، وتجربة المقاومة السرية، وعندما تكون زوجة مناضل مناضلة، والزوجان الجديدان، وغيرها من المواضيع، وعلقت الجريدة على هذا التحليل للواقع الجزائري سنة ١٩٥٩ بقولها إنه هو الواقع الناتج مباشرة عن الثورة، وافتخرت الجريدة بأنها تنشر منه هذه الصفحات عشية ظهوره، وهي تحاول أن