للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورغم الادعاء بوجود (ملايين) الأتباع للطرق الصوفية عشية الحرب العالمية الثانية، فإن الاحصاءات المعقولة تثبت أن عدد الأتباع سنة ١٩٣٧ هو حوالي ١٩٠ ألف نسمة (١٩٠، ٠٠٠). بينما كان عددهم سنة ١٩١٠، حسب إحصاء آخر هو ٢٩٥، ٠٠٠ (١). ومعنى ذلك أن الأتباع كانوا في تناقص كبير، ولكن مكانة شيوخ الطرق الصوفية ظلت مؤثرة على الأتباع المتعقدين فيهم.

[الطرق الصوفية والسياسة]

من الأكيد أن النظرة إلى الطرق الصوفية في الجزائر قد اختلفت من كاتب إلى كاتب في ضوء المصلحة العامة الفرنسية، وقد دار جدال من ١٨٦٠ إلى ١٩٠٠ بين دارسي هذه الطرق حول خطورتها وكيفية التعامل معها والموقف منها مستقبلا، وكانت أولى المحاولات في ذلك هي دراسة العقيد (ثم الجنرال) دي نوفو سنة ١٨٤٥ عن الطرق الصوفية و (اكتشاف) أهميتها في الثورات التي كادت تقضي على أحلام الفرنسيين في الاحتلال السريع، وكان دي نوفو خبيرا بالمجتمع الجزائري إذ عمل في مختلف الوظائف، ومنها وظيفة المكتب العربي، وتزوج من جزائرية، وكان من أتباع سان سيمون، كما كان يعرف العربية.

ثم جاءت دراسة شارل بروسلار الذي كتب عن المؤسسات الدينية في تلمسان، وكان أيضا قد تولى المكتب العربي في هذه المدينة العريقة واتصل بأهلها من الحضر وعرف الحياة المدنية الإسلامية والتراث الديني الذي كانت تتمتع به تلمسان، وكان بروسلار يجيد العربية فاستعملها للاطلاع على الثروة الهامة من المخطوطات العامة في الزوايا والمساجد، والخاصة عند العائلات.

وكان هنري دو فيرييه قد فتح بابا جديدا للنقاش حول الطرق الصوفية حين رحل إلى الجنوب حتى وصل غدامس تحت حماية شيوخ الطرق الذين


(١) علي مراد (الإصلاح الإسلامي). ص ٦١. الإدعاء المبالغ فيه منقول عن مجلة (أفريقية الفرنسية). مايو ١٩٣٨، ص ٢٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>