للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عندما وجد نفسه أمام الجاليات الأجنبية (المستوطنين)، وربما لم يكن هو بدعا في ذلك بل كان يشاركه كل أبناء الجزائر القادمين من الريف، فكلهم كانوا يشعرون بالغربة في وطنهم، وهو الأمر الذي دفعه إلى أن يتجه إلى تونس حيث الحياة الأدبية مزدهرة نسبيا وحيث المجتمع عربي اللسان والطبع في منسجم مغ بعضه ولا يحس معه الجزائري ابن الريف بالغربة، وفي تلك الأثناء نشرت له أول قصة لا نعرف ما هي، ولكننا نعرف أن تونس كانت تتوفر على وسائل النشر بالعربية أكثر من الجزائر، كما كانت تتوفر على الصحف والمجلات المحلية أو الوطنية وعلى الدوريات القادمة من المشرق العربي والتي كانت الجزائر محرومة منها، ويعترف الطاهر وطار أن الثورة الجزائرية هي التي فجرت فيه شرارة الإبداع الأبي والروائي بصفة خاصة، وقد قال إنه لولا الثورة لما خرج من قريته ولما كتب ربما حرفا ولما أصبح مناضلا برؤية جديدة يطغى عليها الأمل في المستقبل، ولعله في هذه المشاعر يعبر عن جيل كامل من المثقفين الجزائريين (١).

[صور من البطولة في الجزائر]

مجموعة قصص كتبها فاضل المسعودي ومحمد الصالح الصديق من وحي الثورة التحريرية ومحيطها وصدرت سنة ١٩٥٧ بطرابلس (ليبيا)، ومعظم القصص مكتوبة خلال السنة التي قبلها، وهي مهداة إلى أرواح الشهداء، والشرفاء و (المناضلين من أجل السلم والخبز والحرية (وإلى (رافعي السلاح والقلم والريشة،) ولذلك قلنا إنها من وحي الواقع بكل جدارة، بما في ذلك معاداة الغرب المعتدي والاستعمار وترديد شعارات اليسار، وقد قدم للمجموعة السيد يوسف القويري فقال إن الأدب يقاوم كما يقاوم الإنسان وإنه يقف إلى جانب القاعدة الشعبية، ولذلك فإن القصص التي يقدمها تفوح رائحة البارود أيضا.


(١) الشروق اليومي، ١٠ مارس ٢٠٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>