للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتخبه. وغاية الأمر أن الفرمان سيؤكد وضعا قائما ويزيد في قناعة السكان بشرعية الحكم كما أنه قد يكون حجة ضد الثوار عند الضرورة.

[فئات المجتمع]

١ - هناك ثلاثة عوامل خارجية أثرت في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية خلال العهد العثماني، الأول هجرة الأندلسيين التي بدأت خلال القرن التاسع وتقوت خلال العاشر. والثاني الوجود العثماني نفسه. ويمكننا أن نضيف إلى ذلك عاملا ثالثا وهو الوجود المسيحي واليهودي. فقد حل بمعظم المدن الساحلية الجزائرية عدد كبير من المهاجرين الأندلسيين الفارين من اضطهاد الإسبان الذين استولوا على أملاكهم وديارهم وهددوهم في عقيدتهم ولغتهم. وأشهر المدن التي حلوا بها هي: شرشال وتنس ومستغانم ومدينة الجزائر ودلس وبجاية وعنابة. وقد وجد هؤلاء المهاجرون في الجزائر أرضا كأرضهم وأهلا كأهلهم فاستوطنوا وأسهموا في الحياة الاجتماعية بإدخال عنصرين رئيسيين، الأول مضاعفة الكفاح ضد الإسبان في البحر والثغور دفاعا عن النفس، والثاني نشر أنماط حضارتهم بين الجزائريين. وكانت الأندلس إلى آخر عهدها، رغم ضعفها السياسي، هي المرحلة الراقية من تطور الحضارة العربية الإسلامية. فارتقت بوجودهم في الجزائر العمارة وصناعة الطب والموسيقى والزراعة والصنائع والحرف والتجارة والتعليم والخط والوراقة وصناعة الكتاب. وقد كان على الأندلسيين في بادئ الأمر (وقد هاجروا بنسائهم وأطفالهم) أن يواجهوا مشاكل اجتماعية جمة أهمها الفقر. لذلك أنشأوا لهم أحباسا خاصة تعرف بأوقاف الأندلس يستفيد منها فقراؤهم ويأوي إليها مهاجرهم الضعيف والبائس والغريب والعاجز (١). ورصد أغنياؤهم لهذه الأوقاف كثيرا من أموالهم. وهكذا أصبح الأندلسيون، على مر السنين، يشكلون عنصرا بارزا مؤثرا من السكان بحركتهم التجارية


(١) انظر الفصل الخاص بالمؤسسات الثقافية (قسم الأوقاف) من هذا الكتاب.

<<  <  ج: ص:  >  >>