للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكائهم وعلمهم وصنائعهم ومهارتهم في البحر- وقد طبعوا المدن الجزائرية، وخاصة الساحلية، بطابعهم العمرافي الذي ما يزال باقيا إلى اليوم (١).

وأثر العثمانيون بدورهم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية للجزائر. وأول هذا التأثير هو ربط المجتمع الجزائري بالمجتمع الشرقي - فقد جاء العثمانيون بوسائل حضارية شرقية إلى الجزائر من مآكل وملابس ومشارب وألقاب وصنائع وتقاليد. ولم تكن نساؤهم تأتي بكثرة (ونحن هنا نتكلم عن كبار المسؤولين وليس عن الجنود الذين كانوا يأتون بالضرورة عزابا)، ولكن القليل منهن قد نشرن أشياء لا عهد للمجتمع الجزائري بها (٢). كما أن العثمانيين قد أدخلوا المذهب الحنفي إلىالجزائر وجاؤوا معهم بطرق صوفية لم تكن معروفة أو على الأقل لم تكن منتشرة بين السكان. ومن جهة أخرى أثروا في العمارة كالمساجد والأضرحة، وفي الموسيقى والخط، والمنشآت العسكرية والبحرية، وفي اللغة والملابس ونحو ذلك. وقد أنشأوا هم أيضا الأحباس التي تخدم جميع الأغراض الاجتماعية والعلمية. ومن أهمها وأشهرها أوقاف (سبل الخيرات). ومن المعروف أن العثمانيين مدينون حضاريا للحضارات العربية والفارسية والبيزنطية، بالإضافة إلى تراثهم الخاص. لذلك يمكن القول بأن الجزائر العثمانية قد ذاقت من كل هذه الحضارات خلال العهد


(١) عن أثر الأندلسيين انظر أيضا د. إبراهيمي (مجلة تاريخ وحضارة المغرب) ٩، يوليو ١٩٧٠، ٣٩.
(٢) كان بعض المسؤولين كالباشوات والمفتين والقضاة، يأتون معهم بأزواجهم وأطفالهم وأمهاتهم وأخواتهم، كما حل بالجزائر عدد من التجار العثمانيين وغيرهم كاليونانيين والعرب. وقد لاحظ الكاتب دابر، أنه كان في مدينة الجزائر في وقته (القرن ١١ هـ - ١٧ م) ستمائة عائلة تركية وهذا بخلاف اليولداش والإنكشارية ورياس والبحر والأعلاج. انظر كتابه (وصف إفريقيا)، ١٧٧. أما عن تأثير الأتراك في العمارة فانظر رشيد الدوكالي (مساجد مدينة الجزائر في العهد العثماني)، ١٩٧٤، ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>