العربي خارج الجزائر، ماضيا وحاضرا، فيما عدا الشيخ البشير الإبراهيمي الذي لم يكن يعرفه في المشرق إلا جيل قديم محدود من اللغويين ودعاة السلفية والإصلاح، وهكذا فإن جيلا من المثقفين الفاعلين في المشرق العربي لا يكاد يعرف شيئا عن محمد العيد آل خليفة ولا مفدي زكرياء، ولا حتى ابن باديس صاحب الشهاب والدعوة الإصلاحية التي هزت الجزائر، وبذلك انحصر الاهتمام بالأدب الجزائري في إنتاج جيل من الشباب يكتب بالفرنسية وما تقدمه عنه الصحف الأدبية والنوادي الفرنسية من شهرة ونقد وتعريف وجوائز وتعاليق، وهذا الجيل هو الذي سنقدم بعض أعلامه وإنتاجهم بعد قليل، (عن شعراء هذا الجيل انظر فصل الشعر).
[محمد ديب]
بلا منازع هو أبو الرواية الجزائرية المعاصرة، هكذا بدأت إحدى البيانات الأجنبية المطبوعة عن محمد ديب، اشتغرق عهده نصف قرن من العطاء الأدبي، ولد في تلمسان ٢١ يوليو ١٩٢٠ من عائلة برجوازية محطمة، تابع دراسته الابتدائية والثانوية في تلمسان ثم في وجدة، بدأ يكتب الشعر ويرسم عندما بلغ خمسة عشر عاما، سمي معلما في وجدة ثم محاسبا في مكاتب الجيش أثناء الحرب العالمية الثانية ومترجما عند جيش الحلفاء, وبعد الحرب رجع إلى تلمسان وأصبح مصمما للزرابي، وابتداء من الخمسينات عمل صحفيا في جريدة الجزائر الجمهورية الشيوعية كما كتب في جريدة الحرية، وهي لسان حال الحزب الشيوعي الجزائري، وفي ١٩٥٢ أصدر أولى رواياته وهي الدار الكبيرة ثم تلتها الحريق ثم النول، وهي ثلاثيته الشهيرة.
بدأ ديب بالقصص والشعر السريالي، وإنما الظروف التي كانت تعيشها الجزائر هي التي دفعته إلى الواقعية، فأصبح روائيا (وطنيا) كما قال (أراغون) الذي اعتبر ذلك من محمد ديب جرأة لكونه غامر في دخول عالم الرواية الوطنية الجزائرية، وبعد الاستقلال رجع ديب إلى السريالية والأسطورية