أوصاه بالتقوى في السر والعلانية والإحسان كما أوصاه أن يترفع بهمته عن الناس، وأن لا يتعاطوا إلا المنفعة الخاصة بالديانة .. وأن يطيعوا الأمير (وهذا كلام يعجب الفرنسيين لو كانوا هم المقصودين) ويتواضعوا للغني والفقير ... وأن يذكروا الله دائما، وأن لا يشتغلوا إلا بما يعنيهم، وأن لا ينشغلوا بمجالس الغفلة، ولا بالقيل والقال، لقد كان للمدينة مقدمون في الجزائر وتونس ومصر والمغرب والحجاز وليبيا وإفريقية وتركيا، وحيثما توجد المدنية يكون (العداء للتقدم والحضارة) حسب تعبير بعض المصادر الفرنسية، وهي (المصادر) تقصد العداء للاستعمار والغزو الحضاري للعالم الإسلامي.
وليس لدينا إحصاءات عن أتباع المدنية في الجزائر، والظاهر أنها كانت بأعداد قليلة، ولكنها نشطة، ولم يذكر رين أرقاما دقيقة لإخوانها أو زواياها أو مقدميها في الجزائر، أما ديبون وكوبولاني (١٨٩٧) فقد ذكرا لها زاويتين، وأربعة عشر مقدما، و ١، ٦٧٣ من الإخوان، وشاوشا واحدا، وأحد عشر وكيلا، وهي منتشرة في إقليمي وهران والجزائر، حسب رأيهما، وكان ذلك في أوج نشاط هذه الطريقة، ولا شك أن سقوط نظام السلطان عبد الحميد سنة ١٩٠٨ ومجيء لجنة الاتحاد والترقي، واحتلال ليبيا من قبل إيطاليا سنة ١٩١١، كل ذلك قد أثر على نشاط إخوان الطريقة المدنية وجعلهم يغيرون (تكتيكهم) وأساليب نشاطهم الصوفي - السياسي، ولكن في الوقت الذي كانت تجري فيه تلك الأحداث كانت الجزائر تشهد ميلاد فرع جديد للطريقة الشاذلية - الدرقاوية، ونعني به الطريقة العليوية، وكان بينهما تنسيق وتواصل.
[الطريقة العليوية]
وهي الفرع الأخير للشاذلية/ الدرقاوية، وتنسب إلى الشيخ أحمد بن مصطفى بن عليوة (العلاوي والعلوي أيضا). وقد ولد في مستغانم في تاريخ غير متفق عليه، وهو ١٨٦٧ عند أحمد توفيق المدني، و ١٨٧٣ عند محمد